من يحمي بلاد الشام؟
لفت انتباهي بشكل مدهش وقوي، قول المبعوث الأمريكي الى سوريا، توم براك، وهو يخاطب اللبنانيين،"يجب ضم لبنان الى سوريا"، للوهلة الأولى ولدى سماع الخبر الصادم اعتقدت أن المبعوث وبلده يعتذرون عن سايكس بيكو، وبدأت أفكر في السياق لماذا هذا؟ ولماذا تأخر هذا الكلام أكثر من قرن كامل؟ حين لم يسمح منذ البداية بأي وحدة عربية خاصة في بلاد الشام التي استهدفتها سايكس بيكو، وتحديداً وحيث ضرب الطموح العربي الذي حملته الثورة العربية الكبرى مطلع القرن قبل الماضي، في 1916، في وحدة العرب، وحيث قامت المملكة العربية السورية، (1918 – 1920)، على يد فيصل الأول، التي أسقطها الفرنسيون في معركة ميسلون، 24/ 7/ 1920، رغم أن فيصل الاول قدم بيان استقلال سوريا وطلب من عزة دروزة أحد أعضاء حزب الاستقلال الذي اقامه فيصل ان يتلوا البيان من شرفة القصر في ساحة المرجة في 8/ 3/ 1921، وقد رأى الفرنسيون أن إعلان الاستقلال يتناقض مع سايكس بيكو، ومع اتفاق فيصل كلمنصو، الذي لم يقبله اعضاء قيادة فيصل حين اسقطوا اتفاق، فيصل كلمنصو، 7 /11/ 1919، بالتصويت، وعند نشر ذلك تقدمت قوات فرنسية بقيادة هنري غورو ودكت دمشق بالمدفعية وحرقت ودمرت، وهو ما جعل أحمد شوقي، أمير الشعراء آنذاك، يكتب قصيدته في نكبة دمشق، (سلامٌ من صبا بردى أرقّ/ وَدَمْعٌ لا يكفكف يا دمشق..
وانتهت المملكة السورية وتوزع اعضاؤها، وغادر الأمير فيصل الى المنفى في حيفا حيث الإنجليز بعد أن هيمنت فرنسا على سوريا ووضعتها تحت انتدابها.
لماذا أعاد توم براك، القول للبنانيين ان ينضموا الى سوريا؟ ولماذا سوريا هذه؟ ولماذا الآن؟ وما الجديد؟ ولماذا كان على لبنان قبل ذلك أن يتحارب مع سوريا وان تحتله سوريا وتضعه تحت نفوذها؟ الى ان وضعت امام انذار وتحت طائلة العقوبة الشديدة أو الانسحاب من لبنان، فانسحبت وتمتع اللبنانيون باستقلالهم مجدداً.
سايكس بيكو، خلق أوضاعاً جديدة في المنطقة، حيث نشأت الدولة القطرية (الوطنية) وجرى الاستثمار فيها وتكونت مفاهيم ونظريات ورسمت حدود ودواعم وبنيت جيوش تدافع عن التراب الوطني لكل قطر، وقد صنع أهلها علم وشعارات، واصبح النشيد الوطني لكل بلد محفوظاً عن ظهر قلب تقوم الناشئة بحفظه وتقديره وتقديسه، فكيف يكون ذلك الآن؟.
أمام هذا الواقع في الدعوة عن النكوص عن تقسيمات سايكس بيكو، وما يشبهها في العالم العربي، استمعت أمس في ندوة عصف فكري عقدها حزب العمال الأردني، وتحدث فيها مجموعة من المدعوين، حيث طرح الدكتور رياض الحروب الفكرة الداعية الى الترويج للخروج من سايكس بيكو والدعوة الى، فيدرالية، تجمع اقطار بلاد الشام الأربعة، وهي في رأيه كفيلة، أي هذه الفيدرالية أن تحل التناقضات الفرعية الداخلية في الاقطار التي تعاني التقسيمات الطائفية والاثنية كما في سوريا ولبنان، حيث الدروز في السويداء ومطالبهم وحيث الاكراد على الفرات ومطالبهم وحيث العلويين الذين فقدوا السلطة ويتجمع غالبيتهم في غرب سوريا في اللاذقية وجوارها وحيث مكونات اخرى، وحيث يجري التشكيك في حكم السنة الذي يقدم كنظام جاء من "الارهاب" وهي اتهامات باطلة لم تثبت.
كما ان الفكرة كما يقول رياض الحروب، ومن يرون رؤيته تحل المشكلة في لبنان حيث يقدم حزب الله سلاحه لصالح دولة أوسع هي دولة فيدرالية تتحمل المسؤولية، وتتمتع كل الطوائف والاثنيات بشيء أقرب الى الحكم الذاتي في إطار الفيدرالية المدعو اليها.
الفكرة التي قدمت، كانت صادمة لي ولكثير من الحاضرين وكانت الأغلبية ممن تحدثوا ضدها أو متحفظين عليها لأنها تأتي في سياق تهيمن اسرائيل على المنطقة بدعم امريكي، إذن السباق في عمليات الضم والتكوين سياق خطير يجري تمريره ضمن هيمنة أمريكية اسرائيلية.
اسرائيل الآن تحتل جنوب لبنان حتى الليطاني بدلا من الانسحاب وتحتل الجولان القديم ومناطق أكبر من فلسطين في جبل الشيخ والامتداد على الأرض السورية وتغلق مناطق جنوب دمشق، تمنع الجيش السوري من الوصول اليها لتربط الجولان السوري ودروزه مع جبل العرب، السويداء، التي زرعت فيها "حصان طروادة" اسرائيل برفع العلم الاسرائيلي ودعوات للاستقلال وسيرت اسرائيل دوريات ربطت ما بين الجولان والسويداء عازلة جنوب سوريا، لتصنع منه حدودا تفصله عن الأردن، وهذه الدوريات يخطط لوصولها مع الأكراد في غرب الفرات في الشمال الشرقي السوري.
وبذلك يتحقق النفوذ المعنوي قبل الاحتلال بكامل البساطير من الجولان حتى الفرات، وهو جزء من خارطة من "النيل المؤجل الى الفرات حيث الورشة الآن.
النظام الجديد في سوريا نظام الأغلبية الذي رحب العرب في لقاءاتهم وقممهم وتعامل معه الأردن بالدعم، لم يُعط أي فرصة لتحقيق أهدافه ورؤيته، فقد ضربته اسرائيل في مرحلة الولادة والمخاض حين دمرت الجيش السوري عشية وصول الحكم الجديد لتمنع سوريا من الوقوف الى أقدامها، وها هي سوريا التي يجري خنقها وحصارها وممارسة أبشع أنواع الضغط عليها حتى تقبل بحوار سوري اسرائيلي يتوج يوم الخميس.
لا تقبل اسرائيل والولايات المتحده تأجيله لترفع العقوبات أو تمكن سوريا من امتلاك خياراتها وتستقل، ويظل شبح التقسيم قائماً، والتدخل في الشأن السوري من جانب اسرائيل سافراً.
نعم .. سوريا في المخاض وما زالت تمنع من اعراب الجملة السورية وسط صمت دولي فإلى اين؟ كانت فلسطين من قبل وفي اتفاق كلمنصو، قد أخرجت من جغرافية بلاد الشام رغم الاعتراف لتكون مفصولة عن سوريا الكبرى تمهيداً لاقامة الوطن القومي اليهودي.. والذي جسده وعد بلفور، إذن ما يدعو اليه براك هو اعادة ضم تحت السقف الاسرائيليّ فهل يحدث ذلك؟..
لفت انتباهي بشكل مدهش وقوي، قول المبعوث الأمريكي الى سوريا، توم براك، وهو يخاطب اللبنانيين،"يجب ضم لبنان الى سوريا"، للوهلة الأولى ولدى سماع الخبر الصادم اعتقدت أن المبعوث وبلده يعتذرون عن سايكس بيكو، وبدأت أفكر في السياق لماذا هذا؟ ولماذا تأخر هذا الكلام أكثر من قرن كامل؟ حين لم يسمح منذ البداية بأي وحدة عربية خاصة في بلاد الشام التي استهدفتها سايكس بيكو، وتحديداً وحيث ضرب الطموح العربي الذي حملته الثورة العربية الكبرى مطلع القرن قبل الماضي، في 1916، في وحدة العرب، وحيث قامت المملكة العربية السورية، (1918 – 1920)، على يد فيصل الأول، التي أسقطها الفرنسيون في معركة ميسلون، 24/ 7/ 1920، رغم أن فيصل الاول قدم بيان استقلال سوريا وطلب من عزة دروزة أحد أعضاء حزب الاستقلال الذي اقامه فيصل ان يتلوا البيان من شرفة القصر في ساحة المرجة في 8/ 3/ 1921، وقد رأى الفرنسيون أن إعلان الاستقلال يتناقض مع سايكس بيكو، ومع اتفاق فيصل كلمنصو، الذي لم يقبله اعضاء قيادة فيصل حين اسقطوا اتفاق، فيصل كلمنصو، 7 /11/ 1919، بالتصويت، وعند نشر ذلك تقدمت قوات فرنسية بقيادة هنري غورو ودكت دمشق بالمدفعية وحرقت ودمرت، وهو ما جعل أحمد شوقي، أمير الشعراء آنذاك، يكتب قصيدته في نكبة دمشق، (سلامٌ من صبا بردى أرقّ/ وَدَمْعٌ لا يكفكف يا دمشق..
وانتهت المملكة السورية وتوزع اعضاؤها، وغادر الأمير فيصل الى المنفى في حيفا حيث الإنجليز بعد أن هيمنت فرنسا على سوريا ووضعتها تحت انتدابها.
لماذا أعاد توم براك، القول للبنانيين ان ينضموا الى سوريا؟ ولماذا سوريا هذه؟ ولماذا الآن؟ وما الجديد؟ ولماذا كان على لبنان قبل ذلك أن يتحارب مع سوريا وان تحتله سوريا وتضعه تحت نفوذها؟ الى ان وضعت امام انذار وتحت طائلة العقوبة الشديدة أو الانسحاب من لبنان، فانسحبت وتمتع اللبنانيون باستقلالهم مجدداً.
سايكس بيكو، خلق أوضاعاً جديدة في المنطقة، حيث نشأت الدولة القطرية (الوطنية) وجرى الاستثمار فيها وتكونت مفاهيم ونظريات ورسمت حدود ودواعم وبنيت جيوش تدافع عن التراب الوطني لكل قطر، وقد صنع أهلها علم وشعارات، واصبح النشيد الوطني لكل بلد محفوظاً عن ظهر قلب تقوم الناشئة بحفظه وتقديره وتقديسه، فكيف يكون ذلك الآن؟.
أمام هذا الواقع في الدعوة عن النكوص عن تقسيمات سايكس بيكو، وما يشبهها في العالم العربي، استمعت أمس في ندوة عصف فكري عقدها حزب العمال الأردني، وتحدث فيها مجموعة من المدعوين، حيث طرح الدكتور رياض الحروب الفكرة الداعية الى الترويج للخروج من سايكس بيكو والدعوة الى، فيدرالية، تجمع اقطار بلاد الشام الأربعة، وهي في رأيه كفيلة، أي هذه الفيدرالية أن تحل التناقضات الفرعية الداخلية في الاقطار التي تعاني التقسيمات الطائفية والاثنية كما في سوريا ولبنان، حيث الدروز في السويداء ومطالبهم وحيث الاكراد على الفرات ومطالبهم وحيث العلويين الذين فقدوا السلطة ويتجمع غالبيتهم في غرب سوريا في اللاذقية وجوارها وحيث مكونات اخرى، وحيث يجري التشكيك في حكم السنة الذي يقدم كنظام جاء من "الارهاب" وهي اتهامات باطلة لم تثبت.
كما ان الفكرة كما يقول رياض الحروب، ومن يرون رؤيته تحل المشكلة في لبنان حيث يقدم حزب الله سلاحه لصالح دولة أوسع هي دولة فيدرالية تتحمل المسؤولية، وتتمتع كل الطوائف والاثنيات بشيء أقرب الى الحكم الذاتي في إطار الفيدرالية المدعو اليها.
الفكرة التي قدمت، كانت صادمة لي ولكثير من الحاضرين وكانت الأغلبية ممن تحدثوا ضدها أو متحفظين عليها لأنها تأتي في سياق تهيمن اسرائيل على المنطقة بدعم امريكي، إذن السباق في عمليات الضم والتكوين سياق خطير يجري تمريره ضمن هيمنة أمريكية اسرائيلية.
اسرائيل الآن تحتل جنوب لبنان حتى الليطاني بدلا من الانسحاب وتحتل الجولان القديم ومناطق أكبر من فلسطين في جبل الشيخ والامتداد على الأرض السورية وتغلق مناطق جنوب دمشق، تمنع الجيش السوري من الوصول اليها لتربط الجولان السوري ودروزه مع جبل العرب، السويداء، التي زرعت فيها "حصان طروادة" اسرائيل برفع العلم الاسرائيلي ودعوات للاستقلال وسيرت اسرائيل دوريات ربطت ما بين الجولان والسويداء عازلة جنوب سوريا، لتصنع منه حدودا تفصله عن الأردن، وهذه الدوريات يخطط لوصولها مع الأكراد في غرب الفرات في الشمال الشرقي السوري.
وبذلك يتحقق النفوذ المعنوي قبل الاحتلال بكامل البساطير من الجولان حتى الفرات، وهو جزء من خارطة من "النيل المؤجل الى الفرات حيث الورشة الآن.
النظام الجديد في سوريا نظام الأغلبية الذي رحب العرب في لقاءاتهم وقممهم وتعامل معه الأردن بالدعم، لم يُعط أي فرصة لتحقيق أهدافه ورؤيته، فقد ضربته اسرائيل في مرحلة الولادة والمخاض حين دمرت الجيش السوري عشية وصول الحكم الجديد لتمنع سوريا من الوقوف الى أقدامها، وها هي سوريا التي يجري خنقها وحصارها وممارسة أبشع أنواع الضغط عليها حتى تقبل بحوار سوري اسرائيلي يتوج يوم الخميس.
لا تقبل اسرائيل والولايات المتحده تأجيله لترفع العقوبات أو تمكن سوريا من امتلاك خياراتها وتستقل، ويظل شبح التقسيم قائماً، والتدخل في الشأن السوري من جانب اسرائيل سافراً.
نعم .. سوريا في المخاض وما زالت تمنع من اعراب الجملة السورية وسط صمت دولي فإلى اين؟ كانت فلسطين من قبل وفي اتفاق كلمنصو، قد أخرجت من جغرافية بلاد الشام رغم الاعتراف لتكون مفصولة عن سوريا الكبرى تمهيداً لاقامة الوطن القومي اليهودي.. والذي جسده وعد بلفور، إذن ما يدعو اليه براك هو اعادة ضم تحت السقف الاسرائيليّ فهل يحدث ذلك؟..