سكرين شوت

رحيل كوني فرانسيس .. صوت الخمسينيات الذي تحدّى الألم حتى النهاية

رحيل كوني فرانسيس ..  صوت الخمسينيات الذي تحدّى الألم حتى النهاية

للعلّم - فُجع جمهور الموسيقى حول العالم بخبر وفاة المغنية الأمريكية الشهيرة كوني فرانسيس عن عمر ناهز الـ87 عامًا، بعد أسابيع قليلة فقط من دخولها المستشفى في ولاية فلوريدا إثر تدهور حالتها الصحية. وقد أعلن صديقها ومدير أعمالها رون روبرتس الخبر الحزين قائلًا:

"بقلوب مثقلة بالحزن، أبلغكم بوفاة صديقتي العزيزة كوني فرانسيس الليلة الماضية... أعلم أنها كانت تود أن يكون جمهورها أول من يعلم."

عودة متأخرة لأغنية خالدة
المفارقة المؤثرة أن رحيل كوني جاء بعد فترة وجيزة من إعادة اكتشاف أغنيتها الشهيرة "Pretty Little Baby" التي صدرت عام 1962، وحققت انتشارًا جديدًا بين جيل الشباب عبر منصة تيك توك، لتدخل قائمة الأغاني الأكثر استماعًا. وقد تفاعلت كوني مع هذا النجاح، وشاركت مقطعًا وهي تردد الأغنية بتقنية الـ lip-sync، وكتبت:

"أول مرة أعزف على شفاهي مع هذا التسجيل الذي يعود لـ63 عامًا!"

كما شكرت جمهورها وعددًا من النجوم مثل تيموثي شالاميه، أريانا غراندي، وتايلور سويفت على دعمهم المستمر وإعادة إحياء إرثها الفني.

مسيرة فنية بدأت بالمثابرة
وُلدت كوني فرانسيس في نيوجيرسي، وبدأت شهرتها حين فازت في برنامج المواهب التلفزيوني الشهير "Startime Talent Scouts"، حيث تم اعتماد اسمها الفني الجديد بناء على اقتراح من مقدم البرنامج آرثر جودفري.
رغم موهبتها، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، إذ تم رفضها من عدة شركات إنتاج قبل أن تنطلق مع شركة MGM عام 1955، التي أصدرت أولى أغانيها. وكادت أن تترك الفن لولا دعم والدها، الذي شجعها على تسجيل أغنية "Who's Sorry Now؟" التي قلبت موازين شهرتها.

توالت بعد ذلك الأغاني التي حفرت اسمها في ذاكرة المستمعين، منها:

"Lipstick on Your Collar"

"My Heart Has a Mind of Its Own"

"Don’t Break the Heart That Loves You"

كوني بين السينما والموسيقى
لم تقتصر موهبتها على الغناء فقط، بل شاركت في عدة أفلام في ستينيات القرن الماضي، مثل:

"أين الأولاد؟"

"اتبع الأولاد"

"البحث عن الحب"

"عندما يلتقي الأولاد بالفتيات"

لكنها لم تكن راضية تمامًا عن تجربتها في التمثيل، ووصفت آخر أفلامها بأنه كان "مملاً"، وأنها شعرت بالراحة عندما أنهت مسيرتها السينمائية.

مآسي أثقلتها لكنها لم تكسرها
خلف الأضواء كانت هناك عتمات كثيرة في حياة كوني. فقد تعرضت عام 1974 للاعتداء والسرقة في فندق بعد إحدى حفلاتها، ودخلت بعدها في نوبة اكتئاب حادة.
كما خضعت لجراحة في الأنف عام 1977 أفقدتها صوتها، ما اضطرها إلى الخضوع لعدة عمليات لاستعادته. وخلال تلك السنوات، عانت من اضطرابات نفسية عدة، وأُدخلت إلى مصحات للعلاج النفسي.

في عام 1981، فقدت شقيقها جورج الذي قُتل في حادث مأساوي، لتزداد حالتها النفسية سوءًا. لاحقًا، اعترفت بمحاولتها الانتحار، لكنها تجاوزت تلك المرحلة بشجاعة، واستأنفت الغناء رغم كل الصعوبات.

من المأساة إلى رسالة أمل
تحولت كوني لاحقًا إلى مدافعة شرسة عن الصحة النفسية وحقوق ضحايا العنف. تعاونت مع إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان لتشكيل فريق عمل حول جرائم العنف، كما عملت مع منظمات الصحة النفسية الأمريكية لرفع الوعي بآثار الصدمات النفسية.

وفي سيرتها الذاتية "من يعتذر الآن؟" التي صدرت عام 1984، كشفت كوني تفاصيل حياتها بكل جرأتها المعهودة. وقد صرحت في لقاء سابق مع أوبرا وينفري:

"لا أريد أن تُقرأ حياتي كمأساة إغريقية فقط... كانت حياة تشبه سندريلا، باستثناء بعض السنوات الصعبة."

رحلت كوني فرانسيس، لكن صوتها سيبقى حيًا، يلهم الأجيال الجديدة ويذكّرهم أن الفن الحقيقي لا يُنسى، حتى حين يمر بأقسى المحن.