ديني

الشهب والنيازك في القرآن

الشهب والنيازك في القرآن

للعلّم - ذكرت الشهب والنيازك في القرآن في عدة آيات منها قوله تعالي: ” وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ”.

كما جاء في قوله سبحانه وتعالي: ” وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ”، وقد جاء في تفسير هذه الآية أن المصابيح هي النجوم التي خلقها الله في السماء لثلاثة أسباب وهي:

زينة للسماء.
رجومًا للشياطين.
علامات يهتدى بها الناس.
وتخرج من هذه النجوم شهب من نار تُصيب الشياطين الذي يسترقون السمع، فالنجوم بذاتها لا يُقذف بها وإنما شهب تخرج منها.

فالشهب هي نار منفصلة عن النجوم، ترجم بأمر الله تعالي الشياطين التي تسترق السمع في السماء، كما جاء في قوله تعالي: “إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ” وثاقب: أي شديد الإضاءة، والنيازك هي ما وصل إلى الأرض واصطدم بها، أما الذي يدور في السماء ويضيء فهو شهاب حتى يحتك بالغلاف الجوي فيصبح نيزك.

وقد توصلت النظريات الفلكية الحديثة إلى وصف الشهب كما جاء في القرآن الكريم منذ آلاف السنين فقد تم تعريفها بشكل علمي على أنه: ظاهرة ضوئية خاطفة تظهر في السماء ليلًا ونهارًا لكنها تكون أكثر وضوحًا في الليل، والشهاب عبارة عن خط لامع برأس ساطعة الإضاءة يظهر وكأنه يسقط نحو الأرض كالسهم الناري ثم يتلاشى في الجو.

وقد جاء في تفسير الشوكاني -رحمه الله-: أن الرجم في اللغة هو الرمي بالحجارة، وقد ثبت علميًا أن الشهب ما هي إلا حجارة، وهو ما يتوافق مع الآية الكريمة “… رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ…” فهي حجارة ترجم الشياطين وتحرقهم.


كما أنه ثبت ان الشهب لا تظهر أو تنطلق إلا في طبقة الأيونوسفير وهي طبقة السماء الدنيا وهو ما توصل إليه العلماء بما يتوافق مع كتاب الله عز وجل في الآية “ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح” فهي لا تظهر إلا في السماء الدنيا. [1]

ما علاقة الشهب بالشياطين
الشهب يأمرها الله عز وجل برجم الشياطين وحرقهم لاستراق السمع إلى السماء.

فقد روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ” إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ”

وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره: أن الله جعل الشهب حرسًا للسماء من مردة الشياطين حتى لا يسمعون الملأ الأعلى، وهناك من تمرد على ذلك وذهب لاستراق السمع، فيجيئه شهاب ثاقب فيحرقه، وقد يحترق قبل أن يُلقي بالكلمة إلى الذي يليه أو يحترق بعدما يلقي الكلمة فيأخذها الآخر حتى يصلوا بها إلى الساحر أو الكاهن.

كما جاء في قوله تعالي: ” وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا” أي من يسترق السمع إلى الملأ الأعلى بعد بعثة النبي محمد يجد شهاب مترصد له ليحرقه بأمر الله. [1]

وكما ذكرنا فإن الشهب هي خط ضوئي من نار مثل السهم الناري ليقذف ويرجم الشياطين، لذلك فقد يتساءل البعض عن ماذا يقال عند رؤية الشهب ؟ وقد سُئل الشيخ صالح الفوزان عن ذلك وقال: أنه لم يقف على نص يقول بدعاء معين عن رؤية الشهب، وأما النظر إليه فهو خطأ لأنه يضر البصر. [2]

وروي عن ابن مسعود أنه قال: “أُمرنا ألا نتبع أبصارنا الكوكب إذا انقض، وأن نقول عند ذلك ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فسواء كان نيزكًا أو شهب فلا يستحب النظر إليها.


كيف يكون شكل النيزك في السماء
شريط من الضوء في السماء ناتج عن اصطدام النيزك بالغلاف الجوي للأرض.

عندما يسقط النيزك ويدخل الغلاف الجوي للأرض ترتفع درجة حرارته بسبب الاحتكاك بالهواء وتتسبب هذه الحرارة في توهج الغازات المحيطة بالنيزك فيظهر بهذا الشكل وهو شريط الضوء الذي في السماء كما هو موضح في الصورة الآتية.

كيف يكون شكل النيزك في السماء

والنيازك هي كتل صخرية أو حديدية تدور حول الشمس، وهي عبارة عن شظايا صغيرة من الصخور أو الكويكبات والمذنبات، وتظهر النيازك وتحدث في طبقة الميزوسفير وتكون على ارتفاع من 50- 80 كيلو متر فوق سطح الأرض.

يمكنك رؤية النيازك الصغيرة والكبيرة ولكن تتوهج النيازك الصغيرة لمدة ثانية تقريبًا بينما تستمر النيازك الأكبر حجمًا في السطوع لمدة عدة دقائق، وتسافر أسرع النيازك بسرعة 71 كيلو متر في الثانية.

بالإضافة إلى أن النيازك تظهر بألوان مختلفة وذلك يرجع للتركيب الكيميائي للصخرة الفضائية التي كونت ذلك النيزك، وعلى سبيل المثال فقد يظهر النيزك الذي يحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم على شكل خط أرجواني من الضوء بينما النيزك الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الحديد يظهر خط الضوء باللون الأصفر.


والنيزك هو صخرة يتراوح حجمها من حبيبات الغبار وإلى الكويكبات الصغيرة، وتكون النيازك عبارة عن قطع من أجسام أكبر حجمًا تم كسرها أو تفجيرها، وهناك نيازك صخرية ومعدنية ومزيج من الصخور والمعادن. [3]

هل النيزك هو الشهاب
في الخصائص نعم، فإن النيزك هو الشهب ولكن إذا اخترقت الغلاف الجوي سُميت نيزك، وإن احترقت عليه أو خارجه فهي شهب.

وقد قال الدكتور جمال الدين الفندي في كتابه “من روائع الإعجاز” أن النيزك هو كتلة صلبة تخترق الغلاف الجوي وتصل إلى الأرض، أما الكتلة التي تحترق في الغلاف الجوي فهي تسمى شهب، والشهب كثيرة جدًا يمكنك مشاهدتها في كل ليلة خاصة في الليل لأنها تكون أقل وضوحًا في النهار.

وقد ذكر د. محمد سميح الخبير الجيولوجي والمدير السابق لهيئة المساحة الجيولوجية المصرية عن الفرق بين الشهب والنيازك في كتاب “القرآن وعلوم الأرض” أن الشهب هي أجسام سماوية تسبح في مسارات غير منتظمة يرجم بها الله كل شيطان يسترق السمع، فقد علمنا بأن هذا الرجم بالشهب للشياطين مستمر لأن حفظ السماوات دائم، وأثناء وجود هذه الاجسام في السماء يصطدم بعضها بالأرض ويظهر لها ضوءًا نتيجة احتكاكها بالغلاف الجوي، وعندما تصطدم بسطح الأرض تُعرف حينئذ بالنيازك. [4]

فالنيازك تخترق الأرض وتسقط عليها، بينما الشهب لا تسقط على الأرض بل تحترق في الغلاف الجوي وتتحل وينتج عنها وميض من الضوء يعرف بالشهب.