كيف التعامل مع الديون غير العاملة
يمثل التعامل مع الديون غير العاملة (وهي الديون التي يعجز المدينون عن سدادها) تحديًا كبيرًا للحكومات والبنوك والشركات على حد سواء حيث ترتبط هذه الديون بظواهر مثل تعثر الشركات الصغيرة والمتوسطة، ضعف تحصيل الذمم المدينة، والقيود القانونية على الإفلاس. ومع ذلك، هناك فرصة لتبني أفضل الممارسات العالمية لمعالجة هذه الديون بما يتناسب مع السياق المحلي تقليل الخسائر، إعادة هيكلة الديون، وتحقيق التوازن بين حماية الدائن وتشجيع المدين على الوفاء بالتزاماته.
تؤثر هذه الديون على الاقتصاد الأردني بعدة طرق، أهمها: تقليل قدرة البنوك على تقديم قروض جديدة مع تراجع السيولة لديها مما يحد من الاستثمار والنمو الاقتصادي؛ زيادة المخاطر في النظام المصرفي مما قد يؤثر على ثقة المستثمرين ويزيد من تكاليف الاقتراض؛ تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي مع تراجع قدرة الشركات على التوسع في الاستثمار والتوظيف.
بلغت نسبة الديون غير العاملة لدى القطاع البنكي في الأردن 5.4%من إجمالي الديون بنهاية شهر حزيران، مقارنةً بـ 5%في نهاية العام الماضي. وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن قيمة الديون غير العاملة بلغت1,867 مليار دينار خلال النصف الثاني من العام الماضي، مقارنةً بـ 1,850 مليار دينار في النصف الأول من العام نفسه.
وبالعودة للفترة 2001-2023 بلغت نسبة الديون غير العاملة أعلى مستوياتها في عام 2002 بنسبة 17.1%، نتيجة لتحديات اقتصادية في تلك الفترة تبعها تحسن ملحوظ في السنوات اللاحقة حيث انخفضت النسبة إلى 4.1% في عام 2007 مع فترة الانتعاش الاقتصادي بعد غزو العراق، وعادت النسبة لترتفع مجددًا خلال وبعد الأزمة المالية العالمية في 2008 نتيجة السياسة النقدية المتحفظة آنذاك لتصل إلى 8.4% في 2012 متأثرة بتداعيات رفع سعر الطاقة. ثم استقرت النسبة منذ عام 2015، بين 5% و6%، ووصلت في عام 2020 إلى 5.5% بسبب تأثيرات جائحة كوفيد19 لكنها عادت للانخفاض في السنوات التالية لتصل إلى 4.5% في 2022، ثم ارتفعت قليلاً إلى 5.1% (أو 5% حسب بعض المراجع) في 2023.
أما بالنسبة لمسببات تعثر الديون فهناك عدة عوامل تساهم في زيادة الديون غير العاملة في الأردن ومنها التباطؤ الاقتصادي المزمن، ارتفاع أسعار الفائدة،وارتفاع معدلات البطالة الى معدلات غير مسبوقة، وتراجع الرواتب في بعض القطاعات،ومنح بعض المؤسسات المالية قروض دون الرجوع للجدارة الائتمانية للمقترضين، وتعاظم تحديات إقليمية مما أدى إلى تراجع إيرادات البعض وعسر سداد الالتزامات المالية.
للوقوف على مدى قوة ارتباط كل من هذه العوامل مع نسبة الديون غير العاملة اعتمدت هنا تحليل الارتباط من خلال معامل بيرسون للارتباط،فنجد أن نمو الناتج المحلي الإجمالي يؤدي الى تقليل نسبة هذه الديون لكن العلاقة ليست قوية، وقد يكون السبب أن معدلات النمو التي شهدها الاقتصاد الأردني لم يصاحبها معدلات توظيف مرتفعة للأردنيين، فلمعدل البطالة ارتباط إيجابي متوسط مع النسبة، مما يعني أن ارتفاع البطالة قد يكون مرتبطًا بزيادة في الديون المتعثرة. أما معدل الفائدة الأساسي فلديه ارتباط إيجابي ضعيف مع الديون غير العاملة، مما يشير إلى أن ارتفاع الفائدة قد يؤدي إلى زيادة في الديون المتعثرة، لكن العلاقة ليست قوية. أيضاً، لا يوجد للتضخم كما قد يعتقد البعض ارتباط كبير مع نسبة الديون المتعثرة.كما يُلاحظ من التحليل وجود ارتباط إيجابي متوسط بين إجمالي القروض ونسبة التعثر مما يشير إلى أن زيادة الإقراض قد تكون مرتبطة بزيادة في الديون المتعثرة.
لذا لتقليل نسبة الديون غير العاملة يجب تحسين معدلات النمو الاقتصادي ونوعيته ليكون مولدا لفرص عمل للأردنيين، وتحسين جودة عملية الإقراض. أما بالنسبة لأفضل الممارسات في التعامل مع الديون المتعثرة، فمن الممكن اعتماد مبدأ إعادة الهيكلة بدلاً من الشطب كما يحصل في أمريكا وبريطانيا، وإنشاء شركات متخصصة لإدارة الديون المعدومة (الصين وماليزيا)، وتحفيز التسويات الطوعية والمبكرة (الاتحاد الأوروبي)، واستخدام أنظمة الإفلاس الفعالة والعادلة كتسريع إجراءات الإفلاس وتقليل تكلفته مع حماية حقوق الدائنين (الهند)، وإصلاح قواعد المحاسبة والاعتراف بالديون المعدومة كتطبيق المعايير الدولية مثل IFRS 9 في تصنيف الأصول المالية وتقدير خسائر الائتمان المتوقعة (الهند)، وبيع الديون المعدومة إلى مؤسسات استثمارية، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في إعادة الهيكلة، إيجاد سوق ثانوي للديون المتعثرة يتيح للبنوك التخلص منها (أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية).
الديون غير العاملة ليست خصوصية اردنية بل عالمية. هنالك الكثير من الحلول سواءً على المستوى الكلي أو الجزئي. أوردت هنا بعض هذه الحلول لبيان أن الحلول ممكنة، ولا تقتصر على حبس المدين أو عدمه.
يمثل التعامل مع الديون غير العاملة (وهي الديون التي يعجز المدينون عن سدادها) تحديًا كبيرًا للحكومات والبنوك والشركات على حد سواء حيث ترتبط هذه الديون بظواهر مثل تعثر الشركات الصغيرة والمتوسطة، ضعف تحصيل الذمم المدينة، والقيود القانونية على الإفلاس. ومع ذلك، هناك فرصة لتبني أفضل الممارسات العالمية لمعالجة هذه الديون بما يتناسب مع السياق المحلي تقليل الخسائر، إعادة هيكلة الديون، وتحقيق التوازن بين حماية الدائن وتشجيع المدين على الوفاء بالتزاماته.
تؤثر هذه الديون على الاقتصاد الأردني بعدة طرق، أهمها: تقليل قدرة البنوك على تقديم قروض جديدة مع تراجع السيولة لديها مما يحد من الاستثمار والنمو الاقتصادي؛ زيادة المخاطر في النظام المصرفي مما قد يؤثر على ثقة المستثمرين ويزيد من تكاليف الاقتراض؛ تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي مع تراجع قدرة الشركات على التوسع في الاستثمار والتوظيف.
بلغت نسبة الديون غير العاملة لدى القطاع البنكي في الأردن 5.4%من إجمالي الديون بنهاية شهر حزيران، مقارنةً بـ 5%في نهاية العام الماضي. وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن قيمة الديون غير العاملة بلغت1,867 مليار دينار خلال النصف الثاني من العام الماضي، مقارنةً بـ 1,850 مليار دينار في النصف الأول من العام نفسه.
وبالعودة للفترة 2001-2023 بلغت نسبة الديون غير العاملة أعلى مستوياتها في عام 2002 بنسبة 17.1%، نتيجة لتحديات اقتصادية في تلك الفترة تبعها تحسن ملحوظ في السنوات اللاحقة حيث انخفضت النسبة إلى 4.1% في عام 2007 مع فترة الانتعاش الاقتصادي بعد غزو العراق، وعادت النسبة لترتفع مجددًا خلال وبعد الأزمة المالية العالمية في 2008 نتيجة السياسة النقدية المتحفظة آنذاك لتصل إلى 8.4% في 2012 متأثرة بتداعيات رفع سعر الطاقة. ثم استقرت النسبة منذ عام 2015، بين 5% و6%، ووصلت في عام 2020 إلى 5.5% بسبب تأثيرات جائحة كوفيد19 لكنها عادت للانخفاض في السنوات التالية لتصل إلى 4.5% في 2022، ثم ارتفعت قليلاً إلى 5.1% (أو 5% حسب بعض المراجع) في 2023.
أما بالنسبة لمسببات تعثر الديون فهناك عدة عوامل تساهم في زيادة الديون غير العاملة في الأردن ومنها التباطؤ الاقتصادي المزمن، ارتفاع أسعار الفائدة،وارتفاع معدلات البطالة الى معدلات غير مسبوقة، وتراجع الرواتب في بعض القطاعات،ومنح بعض المؤسسات المالية قروض دون الرجوع للجدارة الائتمانية للمقترضين، وتعاظم تحديات إقليمية مما أدى إلى تراجع إيرادات البعض وعسر سداد الالتزامات المالية.
للوقوف على مدى قوة ارتباط كل من هذه العوامل مع نسبة الديون غير العاملة اعتمدت هنا تحليل الارتباط من خلال معامل بيرسون للارتباط،فنجد أن نمو الناتج المحلي الإجمالي يؤدي الى تقليل نسبة هذه الديون لكن العلاقة ليست قوية، وقد يكون السبب أن معدلات النمو التي شهدها الاقتصاد الأردني لم يصاحبها معدلات توظيف مرتفعة للأردنيين، فلمعدل البطالة ارتباط إيجابي متوسط مع النسبة، مما يعني أن ارتفاع البطالة قد يكون مرتبطًا بزيادة في الديون المتعثرة. أما معدل الفائدة الأساسي فلديه ارتباط إيجابي ضعيف مع الديون غير العاملة، مما يشير إلى أن ارتفاع الفائدة قد يؤدي إلى زيادة في الديون المتعثرة، لكن العلاقة ليست قوية. أيضاً، لا يوجد للتضخم كما قد يعتقد البعض ارتباط كبير مع نسبة الديون المتعثرة.كما يُلاحظ من التحليل وجود ارتباط إيجابي متوسط بين إجمالي القروض ونسبة التعثر مما يشير إلى أن زيادة الإقراض قد تكون مرتبطة بزيادة في الديون المتعثرة.
لذا لتقليل نسبة الديون غير العاملة يجب تحسين معدلات النمو الاقتصادي ونوعيته ليكون مولدا لفرص عمل للأردنيين، وتحسين جودة عملية الإقراض. أما بالنسبة لأفضل الممارسات في التعامل مع الديون المتعثرة، فمن الممكن اعتماد مبدأ إعادة الهيكلة بدلاً من الشطب كما يحصل في أمريكا وبريطانيا، وإنشاء شركات متخصصة لإدارة الديون المعدومة (الصين وماليزيا)، وتحفيز التسويات الطوعية والمبكرة (الاتحاد الأوروبي)، واستخدام أنظمة الإفلاس الفعالة والعادلة كتسريع إجراءات الإفلاس وتقليل تكلفته مع حماية حقوق الدائنين (الهند)، وإصلاح قواعد المحاسبة والاعتراف بالديون المعدومة كتطبيق المعايير الدولية مثل IFRS 9 في تصنيف الأصول المالية وتقدير خسائر الائتمان المتوقعة (الهند)، وبيع الديون المعدومة إلى مؤسسات استثمارية، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في إعادة الهيكلة، إيجاد سوق ثانوي للديون المتعثرة يتيح للبنوك التخلص منها (أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية).
الديون غير العاملة ليست خصوصية اردنية بل عالمية. هنالك الكثير من الحلول سواءً على المستوى الكلي أو الجزئي. أوردت هنا بعض هذه الحلول لبيان أن الحلول ممكنة، ولا تقتصر على حبس المدين أو عدمه.