وجهات نظر

لا حرب قادمة ..

لا حرب قادمة  ..


يخطئ من يظن أن حربا شاملة ستشتعل في المنطقة في أعقاب العدوان الإسرائيلي الجوي والصاروخي على إيران للحد من قدراتها النووية، ومقتل عدد من كبار قاداتها العسكريين وعلماء الذرة.

سينتهي الأمر، كما حدث سابقا، بالتهديد الإيراني برد مزلزل مرعب على إسرائيل لأيام، ليتبخر إلى مسرحية من الصواريخ والمسيرات إلى أبعد تقدير، لحفظ ماء الوجه، انطلاقا من إيران أو عبر وكلائها، وهم يترنحون، وقد لا يحدث شيء، لتعود مجددا لطاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة والدخول في دهاليز الدبلوماسية بين مد وجزر حول برنامجها النووي، الذي ما يزال مبكرا التكهن بما تعرض له من أضرار بعد الضربات الإسرائيلية.

يعلم قادة طهران، علم اليقين، أن الحرب المفتوحة مع إسرائيل هي حرب مع واشنطن وقواعدها في العالم في المقام الأول، ومع لندن وعواصم الاتحاد الأوروبي في المقام الثاني. كما تعلم إيران أنه لا روسيا ولا الصين ولا غيرهما سيقف معها في حال اندلاع الحرب على مصراعيها.

الهجوم الإسرائيلي يخدم تل أبيب لتعزيز تفوقها العسكري في الشرق الأوسط، كما أنه يخدم واشنطن لإجبار طهران، تحت ضغط الضربات، على قبول شروط البيت الأبيض والوصول إلى اتفاق يضمن عدم امتلاكها السلاح النووي.

ستسعى إيران إلى تهدئة الوضع وامتصاص صدمة وغضب الشارع الإيراني، إضافة إلى ضمان وحدة منظومتها العسكرية، عبر تحريك المسيرات والصواريخ، وقد تلجأ إلى هجمات سيبرانية ضد إسرائيل، لكنها ستكون حريصة على عدم توجيه ضربات قاصمة في العمق الإسرائيلي أو المواقع العسكرية الاستراتيجية، خوفا من ردة الفعل الأميركية، التي قد تصل إلى تهديد بقاء نظام حكم "المرشد الأعلى".

قد تلجأ إيران، أيضا، إلى التهديد بإغلاق مضيق هرمز، وهو أحد أهم الممرات الحيوية للطاقة في العالم، وتعطيل الملاحة البحرية في الخليج العربي، لكن واشنطن ستقف لها بالمرصاد حماية لمصالحها أولا.

لا يعلم أحد يقينا ما تحمله الأيام القادمة من تطورات، وقد تكون متسارعة، لكن الحرب الشاملة لن تقع على الأغلب، ما دامت الولايات المتحدة تقف مع حليفتها إسرائيل في خندق واحد، خصوصا مع التصريح الواضح للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل ساعات، "إننا ننتظر رد فعل إيران، وسندافع عن إسرائيل إذا لزم الأمر".

أما الحديث عن هجمات انتقامية إيرانية على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، كرد فعل على العدوان الإسرائيلي، فهو شبه مستحيل، ويعني ببساطة انتحارا سياسيا وعسكريا لنظام الملالي في طهران.