في خضم التحولات الاجتماعية المتسارعة التي يشهدها المجتمع الأردني، تقف وزارة الداخلية في موقعٍ فاعلٍ ومبادِرٍ تجاه قضايا ذات طابع اجتماعي وإنساني عميق، بدءًا من تنظيم الجاهات العشائرية وتقنين أعدادها، مرورًا بمبادرة تقليل المهور والحد من المغالاة في الأعراس، ووصولًا إلى مبادرة تقليص أيام العزاء إلى يوم واحد.
هذه المبادرات لا يمكن النظر إليها كقرارات إدارية أو تنظيمية فحسب، بل كخطوات إصلاحية تسعى لإعادة توازن المجتمع الأردني بين قيم الأصالة ومتطلبات الحداثة، بين الرمزية الاجتماعية والعقلانية السلوكية، في وقتٍ تتصاعد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الأسر الأردنية.
لكن الملاحَظ - وبوضوح مؤلم - أن الجامعات الأردنية، وخصوصًا كلياتها المعنية بالعلوم الاجتماعية والإنسانية والتربوية، لم تواكب هذه التحولات بحثًا وتحليلًا وموقفًا، وكأنها تقف على هامش المشهد الوطني، تكتفي بالمراقبة دون المبادرة، رغم أنّ هذه القضايا تمسّ صميم تخصصاتها وأدوارها المجتمعية.
إنّ من المفترض أن تكون الجامعات بيت التفكير والمرجعية العلمية الأولى في مثل هذه القضايا، إذ تمتلك الأدوات النظرية والمنهجية لدراسة الظواهر الاجتماعية وتحليلها واستشراف آثارها على النسيج الوطني، وصياغة بدائل تربوية وثقافية مستنيرة تراعي الخصوصية الأردنية.
غير أنّ هذا الدور تراجع تدريجيًا، نتيجة انشغال الجامعات في قضاياها الإدارية والمالية، وابتعادها عن المجتمع المحلي كمختبر حي للبحث والتجريب الاجتماعي.
من منظور تربوي، يمكن قراءة مبادرات وزارة الداخلية بوصفها عملًا توعويًا تربويًا بامتياز، لأنها تستهدف تهذيب السلوك الجمعي وتقويم العادات الاجتماعية ضمن إطارٍ قيمي ووطني يحفظ كرامة الإنسان ويوازن بين الحرية والمسؤولية.
فالحد من المظاهر المبالغ فيها في الجاهات والعزاءات والأعراس ليس انتقاصًا من قيم العشيرة أو المجتمع، بل إعلاء لقيمة الإنسان على حساب المظاهر الشكلية، وتأكيد على أن الاحترام والتكافل لا يقاسان بعدد الحضور ولا بحجم الولائم، بل بصدق المشاعر ونقاء النية.
إنّ المطلوب اليوم أن تنهض كليات العلوم الاجتماعية والتربوية في الجامعات الأردنية بدورها في دعم هذه المبادرات، وفي التعامل مع القضايا المجتمعية الأوسع مثل ارتفاع نسب الطلاق، وتزايد معدلات الجريمة، وخاصة بين الأقارب والمحارم، من خلال:
1. إجراء دراسات ميدانية تقيس مدى قبول المجتمع لهذه المبادرات وتحديات تطبيقها.
3. دمج القيم الاجتماعية الحديثة في المناهج الجامعية والمدرسية بما يعزز ثقافة الاعتدال والتوازن.
4. تقديم توصيات علمية لصانع القرار مستندة إلى بحوث علمية محكّمة.
فليس من المنطق أن تظل الجامعات صامتة إزاء قضايا هي في جوهرها اجتماعية وتربوية بامتياز، بينما تتولى المؤسسات الأمنية والوزارات التنفيذية عبء المبادرة والتوجيه المجتمعي.
لقد آن الأوان لأن تستعيد جامعاتنا رسالتها الأصيلة كمؤسسات للتنوير والإصلاح الاجتماعي، لا كمراكز تمنح الشهادات فقط.
إنّ التحدي الحقيقي الذي نواجهه اليوم لا يقتصر على تقليص أيام العزاء أو تخفيض المهور، بل يمتد إلى تفكك البنية الأسرية وتراجع منظومة القيم الجمعية، كما يتجلى في الارتفاع المقلق في حالات الطلاق، وتصاعد جرائم القتل، بل وجرائم القتل داخل الأسرة الواحدة.
وهذا كله يدق ناقوس الخطر حول الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء السلوك الجمعي الأردني على أسس تربوية وأخلاقية أصيلة، تحترم الموروث وتستجيب للعصر.
ولن يتحقق ذلك إلا عندما تتقاطع جهود الدولة مع الوعي العلمي والبحثي للجامعات، في علاقة تكامل لا تفويض، وشراكة لا تبعية، بحيث يكون الهدف الأسمى هو الإنسان الأردني القادر على التكيف والتطور دون أن يفقد جذوره وقيمه.
ختاما ً إنّ مبادرات وزارة الداخلية، مهما بلغت أهميتها، ستظل بحاجة إلى حاضنة فكرية وبحثية تفسّرها وتدعمها وتوجّهها. وتلك الحاضنة لا يمكن أن تكون إلا الجامعات الأردنية، فهي البوصلة التي توجه المجتمع نحو الاعتدال والتوازن والتجديد الواعي، وهي القادرة - إن نهضت بدورها - على المساهمة في تحصين المجتمع من الانقسام الأسري، والتفكك القيمي، وتفشي ظواهر الطلاق والجريمة، عبر التعليم والتثقيف والبحث المسؤول.
ففي زمنٍ تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، تبقى الجامعة الأردنية الواعية والمبادِرة هي صمّام الأمان لبناء مجتمعٍ متماسكٍ، متوازنٍ، يؤمن بأن الوعي والعلم والتربية هي خط الدفاع الأول عن الإنسان والأمة.
في خضم التحولات الاجتماعية المتسارعة التي يشهدها المجتمع الأردني، تقف وزارة الداخلية في موقعٍ فاعلٍ ومبادِرٍ تجاه قضايا ذات طابع اجتماعي وإنساني عميق، بدءًا من تنظيم الجاهات العشائرية وتقنين أعدادها، مرورًا بمبادرة تقليل المهور والحد من المغالاة في الأعراس، ووصولًا إلى مبادرة تقليص أيام العزاء إلى يوم واحد.
هذه المبادرات لا يمكن النظر إليها كقرارات إدارية أو تنظيمية فحسب، بل كخطوات إصلاحية تسعى لإعادة توازن المجتمع الأردني بين قيم الأصالة ومتطلبات الحداثة، بين الرمزية الاجتماعية والعقلانية السلوكية، في وقتٍ تتصاعد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الأسر الأردنية.
لكن الملاحَظ - وبوضوح مؤلم - أن الجامعات الأردنية، وخصوصًا كلياتها المعنية بالعلوم الاجتماعية والإنسانية والتربوية، لم تواكب هذه التحولات بحثًا وتحليلًا وموقفًا، وكأنها تقف على هامش المشهد الوطني، تكتفي بالمراقبة دون المبادرة، رغم أنّ هذه القضايا تمسّ صميم تخصصاتها وأدوارها المجتمعية.
إنّ من المفترض أن تكون الجامعات بيت التفكير والمرجعية العلمية الأولى في مثل هذه القضايا، إذ تمتلك الأدوات النظرية والمنهجية لدراسة الظواهر الاجتماعية وتحليلها واستشراف آثارها على النسيج الوطني، وصياغة بدائل تربوية وثقافية مستنيرة تراعي الخصوصية الأردنية.
غير أنّ هذا الدور تراجع تدريجيًا، نتيجة انشغال الجامعات في قضاياها الإدارية والمالية، وابتعادها عن المجتمع المحلي كمختبر حي للبحث والتجريب الاجتماعي.
من منظور تربوي، يمكن قراءة مبادرات وزارة الداخلية بوصفها عملًا توعويًا تربويًا بامتياز، لأنها تستهدف تهذيب السلوك الجمعي وتقويم العادات الاجتماعية ضمن إطارٍ قيمي ووطني يحفظ كرامة الإنسان ويوازن بين الحرية والمسؤولية.
فالحد من المظاهر المبالغ فيها في الجاهات والعزاءات والأعراس ليس انتقاصًا من قيم العشيرة أو المجتمع، بل إعلاء لقيمة الإنسان على حساب المظاهر الشكلية، وتأكيد على أن الاحترام والتكافل لا يقاسان بعدد الحضور ولا بحجم الولائم، بل بصدق المشاعر ونقاء النية.
إنّ المطلوب اليوم أن تنهض كليات العلوم الاجتماعية والتربوية في الجامعات الأردنية بدورها في دعم هذه المبادرات، وفي التعامل مع القضايا المجتمعية الأوسع مثل ارتفاع نسب الطلاق، وتزايد معدلات الجريمة، وخاصة بين الأقارب والمحارم، من خلال:
1. إجراء دراسات ميدانية تقيس مدى قبول المجتمع لهذه المبادرات وتحديات تطبيقها.
3. دمج القيم الاجتماعية الحديثة في المناهج الجامعية والمدرسية بما يعزز ثقافة الاعتدال والتوازن.
4. تقديم توصيات علمية لصانع القرار مستندة إلى بحوث علمية محكّمة.
فليس من المنطق أن تظل الجامعات صامتة إزاء قضايا هي في جوهرها اجتماعية وتربوية بامتياز، بينما تتولى المؤسسات الأمنية والوزارات التنفيذية عبء المبادرة والتوجيه المجتمعي.
لقد آن الأوان لأن تستعيد جامعاتنا رسالتها الأصيلة كمؤسسات للتنوير والإصلاح الاجتماعي، لا كمراكز تمنح الشهادات فقط.
إنّ التحدي الحقيقي الذي نواجهه اليوم لا يقتصر على تقليص أيام العزاء أو تخفيض المهور، بل يمتد إلى تفكك البنية الأسرية وتراجع منظومة القيم الجمعية، كما يتجلى في الارتفاع المقلق في حالات الطلاق، وتصاعد جرائم القتل، بل وجرائم القتل داخل الأسرة الواحدة.
وهذا كله يدق ناقوس الخطر حول الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء السلوك الجمعي الأردني على أسس تربوية وأخلاقية أصيلة، تحترم الموروث وتستجيب للعصر.
ولن يتحقق ذلك إلا عندما تتقاطع جهود الدولة مع الوعي العلمي والبحثي للجامعات، في علاقة تكامل لا تفويض، وشراكة لا تبعية، بحيث يكون الهدف الأسمى هو الإنسان الأردني القادر على التكيف والتطور دون أن يفقد جذوره وقيمه.
ختاما ً إنّ مبادرات وزارة الداخلية، مهما بلغت أهميتها، ستظل بحاجة إلى حاضنة فكرية وبحثية تفسّرها وتدعمها وتوجّهها. وتلك الحاضنة لا يمكن أن تكون إلا الجامعات الأردنية، فهي البوصلة التي توجه المجتمع نحو الاعتدال والتوازن والتجديد الواعي، وهي القادرة - إن نهضت بدورها - على المساهمة في تحصين المجتمع من الانقسام الأسري، والتفكك القيمي، وتفشي ظواهر الطلاق والجريمة، عبر التعليم والتثقيف والبحث المسؤول.
ففي زمنٍ تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، تبقى الجامعة الأردنية الواعية والمبادِرة هي صمّام الأمان لبناء مجتمعٍ متماسكٍ، متوازنٍ، يؤمن بأن الوعي والعلم والتربية هي خط الدفاع الأول عن الإنسان والأمة.
في خضم التحولات الاجتماعية المتسارعة التي يشهدها المجتمع الأردني، تقف وزارة الداخلية في موقعٍ فاعلٍ ومبادِرٍ تجاه قضايا ذات طابع اجتماعي وإنساني عميق، بدءًا من تنظيم الجاهات العشائرية وتقنين أعدادها، مرورًا بمبادرة تقليل المهور والحد من المغالاة في الأعراس، ووصولًا إلى مبادرة تقليص أيام العزاء إلى يوم واحد.
هذه المبادرات لا يمكن النظر إليها كقرارات إدارية أو تنظيمية فحسب، بل كخطوات إصلاحية تسعى لإعادة توازن المجتمع الأردني بين قيم الأصالة ومتطلبات الحداثة، بين الرمزية الاجتماعية والعقلانية السلوكية، في وقتٍ تتصاعد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الأسر الأردنية.
لكن الملاحَظ - وبوضوح مؤلم - أن الجامعات الأردنية، وخصوصًا كلياتها المعنية بالعلوم الاجتماعية والإنسانية والتربوية، لم تواكب هذه التحولات بحثًا وتحليلًا وموقفًا، وكأنها تقف على هامش المشهد الوطني، تكتفي بالمراقبة دون المبادرة، رغم أنّ هذه القضايا تمسّ صميم تخصصاتها وأدوارها المجتمعية.
إنّ من المفترض أن تكون الجامعات بيت التفكير والمرجعية العلمية الأولى في مثل هذه القضايا، إذ تمتلك الأدوات النظرية والمنهجية لدراسة الظواهر الاجتماعية وتحليلها واستشراف آثارها على النسيج الوطني، وصياغة بدائل تربوية وثقافية مستنيرة تراعي الخصوصية الأردنية.
غير أنّ هذا الدور تراجع تدريجيًا، نتيجة انشغال الجامعات في قضاياها الإدارية والمالية، وابتعادها عن المجتمع المحلي كمختبر حي للبحث والتجريب الاجتماعي.
من منظور تربوي، يمكن قراءة مبادرات وزارة الداخلية بوصفها عملًا توعويًا تربويًا بامتياز، لأنها تستهدف تهذيب السلوك الجمعي وتقويم العادات الاجتماعية ضمن إطارٍ قيمي ووطني يحفظ كرامة الإنسان ويوازن بين الحرية والمسؤولية.
فالحد من المظاهر المبالغ فيها في الجاهات والعزاءات والأعراس ليس انتقاصًا من قيم العشيرة أو المجتمع، بل إعلاء لقيمة الإنسان على حساب المظاهر الشكلية، وتأكيد على أن الاحترام والتكافل لا يقاسان بعدد الحضور ولا بحجم الولائم، بل بصدق المشاعر ونقاء النية.
إنّ المطلوب اليوم أن تنهض كليات العلوم الاجتماعية والتربوية في الجامعات الأردنية بدورها في دعم هذه المبادرات، وفي التعامل مع القضايا المجتمعية الأوسع مثل ارتفاع نسب الطلاق، وتزايد معدلات الجريمة، وخاصة بين الأقارب والمحارم، من خلال:
1. إجراء دراسات ميدانية تقيس مدى قبول المجتمع لهذه المبادرات وتحديات تطبيقها.
3. دمج القيم الاجتماعية الحديثة في المناهج الجامعية والمدرسية بما يعزز ثقافة الاعتدال والتوازن.
4. تقديم توصيات علمية لصانع القرار مستندة إلى بحوث علمية محكّمة.
فليس من المنطق أن تظل الجامعات صامتة إزاء قضايا هي في جوهرها اجتماعية وتربوية بامتياز، بينما تتولى المؤسسات الأمنية والوزارات التنفيذية عبء المبادرة والتوجيه المجتمعي.
لقد آن الأوان لأن تستعيد جامعاتنا رسالتها الأصيلة كمؤسسات للتنوير والإصلاح الاجتماعي، لا كمراكز تمنح الشهادات فقط.
إنّ التحدي الحقيقي الذي نواجهه اليوم لا يقتصر على تقليص أيام العزاء أو تخفيض المهور، بل يمتد إلى تفكك البنية الأسرية وتراجع منظومة القيم الجمعية، كما يتجلى في الارتفاع المقلق في حالات الطلاق، وتصاعد جرائم القتل، بل وجرائم القتل داخل الأسرة الواحدة.
وهذا كله يدق ناقوس الخطر حول الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء السلوك الجمعي الأردني على أسس تربوية وأخلاقية أصيلة، تحترم الموروث وتستجيب للعصر.
ولن يتحقق ذلك إلا عندما تتقاطع جهود الدولة مع الوعي العلمي والبحثي للجامعات، في علاقة تكامل لا تفويض، وشراكة لا تبعية، بحيث يكون الهدف الأسمى هو الإنسان الأردني القادر على التكيف والتطور دون أن يفقد جذوره وقيمه.
ختاما ً إنّ مبادرات وزارة الداخلية، مهما بلغت أهميتها، ستظل بحاجة إلى حاضنة فكرية وبحثية تفسّرها وتدعمها وتوجّهها. وتلك الحاضنة لا يمكن أن تكون إلا الجامعات الأردنية، فهي البوصلة التي توجه المجتمع نحو الاعتدال والتوازن والتجديد الواعي، وهي القادرة - إن نهضت بدورها - على المساهمة في تحصين المجتمع من الانقسام الأسري، والتفكك القيمي، وتفشي ظواهر الطلاق والجريمة، عبر التعليم والتثقيف والبحث المسؤول.
ففي زمنٍ تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، تبقى الجامعة الأردنية الواعية والمبادِرة هي صمّام الأمان لبناء مجتمعٍ متماسكٍ، متوازنٍ، يؤمن بأن الوعي والعلم والتربية هي خط الدفاع الأول عن الإنسان والأمة.
التعليقات
بين مبادرات وزارة الداخلية وصمت الجامعات: أين دور كليات العلوم الاجتماعية؟
التعليقات