تضج كافة وسائل الإعلام الإخبارية ومنصات التحليل السياسي بمحاولات افتراض الموقف الأنسب الذي يتوجب على حركة حماس- وفقا لرأي المناظر- اتخاذه، للرد على الخطة المقترحة من الرئيس الأمريكي 'لإنهاء الحرب في غزة'؛ خاصة بعد أن جدد البيت الأبيض مهلة الرد حتى الأحد 5/10/2025 الساعة السادسة بتوقيت الولايات المتحدة! وبعيداً عن تلك المناظرات، تستعرض هذه المقالة أسس التحليل المنهجي السليم التي يتوجب إتباعها الوصول للرأي الأنسب؛ وعلى رأسها ما يلي: دقة تحديد المعطيات على أرض الواقع. ومن ثم دقة المفاضلة بين المزايا والمضار. وأخيرا، آلية التعامل مع مرحلة ما بعد القرار. كي لا يكون القرار محكوم بالخطأ. إذن ومن حيث المعطيات:
1. حكومة النتنياهو الحالية هي الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل. بل أنها الوحيدة التي جاهرت قولا وفعلا بمجابهة القانون الدولي والرأي العام العالمي الى ما نشهده اليوم، دون ذرائع أو أكاذيب متمكنة- كما جرت العادة؛ 2. تسببت فداحة الجرائم المرتكبة بتعرية الحكومة أمام العالم وعزل قيادييها وإرغام العديد من الدول الحليفة على الاعتراف- ولو ظاهريا على الفرض- بفلسطين؛ 3. تمكنت قدرة المقاومة على الصمود، من إعادة فرض عدالة القضية الفلسطينية لتتصدر واجهات الإعلام العالمي والغربي- خاصة بعدما ساهمت به دعوى جنوب أفريقيا من عرض واقعي لحقيقة الأحداث وأصل النزاع ونفي الأكاذيب التي كانت قد استحوذت على المغيبين من الغرب قبلها؛ 4. لم تكن القيادات الغربية أو الولايات المتحدة الأمريكية لتعرض خطة 'إنهاء الحرب' لو ترك الأمر لها بتبرير جرائم الاحتلال بأحداث السابع من أكتوبر. إلا أن الدبلوماسية العربية/الإسلامية الفاعلة والمشهودة في الفترة الحالية، بالإضافة الى تعرية المستور أمام الشباب الغربي المؤمن بحقوق الإنسان، ساهم بالضغط لما وصلنا اليه؛ 5. في ضوء ما سبق، أيقن الكيان من أن أي إنجاز عسكري له، إن تحقق، يقابله مزيد من العزلة الدولية ورفضٍ من شعوب العالم الحر. كما أيقنت قيادات الغرب الديمقراطي، بأن أي مجازفة باستمرار دعمهم اللامحدود لجرائم الاحتلال بعد الآن، تصيب حظوظهم الانتخابية في مقتل؛ 6. بل أيقن أيضا بأن الجهود العربية الدبلوماسية المتمثلة بطرح ودعم حل الدولتين باتت تحرج مخالفيها من أتباع النفوذ الإسرائيلي. خاصة وأنها لازالت متزامنة مع فشل حكومة النتنياهو عن تحقيق أهدافها أو كسر عزيمة المقاومة- على مدار أكثر من 724 يوم من الدمار الشامل؛ 7. بادرت جهود الرئيس الأمريكي، الساعي خلف جائزة نوبل للسلام، بطرح الخطة الحالية التي أسهمت في التنفيس من الاحتقان العالمي. إلا أنها، ومن عنوانها، معنيةٌ أساسا بوقف الحرب أكثر مما هي معنية باجتثاث أسبابة. الأمر الذي يستتبع حصار المقاومة وتحميلها مسؤولية رفض السلام؛ 8. توقن المقاومة بالمقابل، بأن أي حلول مجتزئة تتجاوز تحرير فلسطين هي بمثابة تنازل عما سبق من نضال. بينما تعي تماما بأن خياراتها محصورة بالقبول المجمل أو النقيض. كما وتعي بأن مشروع النتنياهو وحكومته لم يعد قاصرا على تدمير 'حماس' فحسب، بل تصفية القضية الفلسطينية والتهجير والضم؛ وبأن رفضها سيتربع صدارة التبريرات الإسرائيلية لمتابعة جرائمها ضد أهلنا في غزة وعموم فلسطين؛ 9. كما أراهن شخصيا بأن المقاومة تعي أيضا، بأن مصدر قوتها منبثق من مدى ايمانها وعزيمتها ابتداءً؛ ومدى قدرتها على الثبات والاستمرارية في حال الخلاف؛ وأخيرا، قدرتها على الحفاظ على نتاج دعم الدبلوماسية العربية لحق فلسطين بالوجود، وما حققته من تعاطف مستحق لدى أطياف الشباب في المجتمعات الغربية والعربية الفاعلة؛ 10. بينما آمل بأنها تعي أخيراً، بأن هذا التعاطف في الشارع الغربي ليس بالضرورة منخرطاً مع 'حماس بذاتها' بقدر ما هو مرتبط بمظلة أكبر ألا وهي حق أطفال فلسطين بالأمن والسلام!.
أما من حيث المزايا والمضار، تتمثل أبرز المزايا في وقف الاعتداء وسلامة الأهل ومنع التهجير والضم تحت مظلة التعهدات الأمريكية، ووطأة المسائلة من الدبلوماسية العالمية والناخب الغربي. بينما يتمثل أبرز الأضرار بالنقيض- مع تبرير الإعلام المتواطئ لما سيتبع من دمار بذريعة 'رفض حماس للسلام'! وبخصوص التعامل مع تبعات ما بعد الرفض، فهي خاضعة لتقييم 'حماس' لقدرات البيت الداخلي من حيث الصمود والمحافظة على المكتسبات أعلاه!.
ليست بالخيارات السهلة إطلاقاً ولكن على قدر أهل العزم تُؤْتَى العزائم! هنالك هامش للضغط يتوجب على حماس استغلاله، وهو ما عبرت عنه مجموعة دول كالأردن والسعودية ومصر وقطر وتركيا؛ على لسان البيان السعودي الأخير- بأن أضاف 'التمسك بنتائج مؤتمر حل الدولتين للوصول للسلام الشامل على حدود ال67 وعاصمتها القدس الشرقية'. بينما تحافظ على دعم الشارع الغربي بأن تجعل الخطة محرجة لحكومة النتنياهو عند مناقشة التزام إسرائيل بعدم ضم الضفة الغربية تنكيسا للبعد العقائدي الإسرائيلي بحلم 'إسرائيل الكبرى'.
أخيراً، تعي المقاومة بأن تقييم نجاح القرارات السياسية هو تقييم تراكمي للناتج النهائي؛ بينما يفرض علم المفاوضة ضرورة ترك مجال للمناورة بالمسائل العالقة. ومن خلال المعطيات أعلاه، يتبين ضرورة الحذر الشديد عند صياغة قرارها المرتقب كي تضمن حفاظ فلسطين على ما تحقق من دعمٍ دبلوماسيٍ عربي عالمي من جهة، وشعبيٍ غربي من جهة أخرى. ومن أمثلة المناورة المستحقة في هذا الخصوص، إما أن تراهن على ما سبق من جهود دبلوماسية وشعبية مشهودة؛ أو أن تستعيض عن الرد بالاستفسار عن موقف الخطة الأمريكية من حل الدولتين والضمانات المطروحة لتنفيذها! وهي استفسارات تبررها المخاوف الفلسطينية، ويقبلها منطق الشارع الغربي، وتعيد تمكين الدبلوماسية العربية من المناورة سعيا لما بعدها. إذن وبعيداً عن العواطف، هي حرب الحفاظ على الدعم الدبلوماسي والرأي العالمي، ترويها دماء الشهداء، والله ولي المستضعفين.
* بسام محمد أبو رمان/ خبير القانون الدولي والمحلل السياسي.
تضج كافة وسائل الإعلام الإخبارية ومنصات التحليل السياسي بمحاولات افتراض الموقف الأنسب الذي يتوجب على حركة حماس- وفقا لرأي المناظر- اتخاذه، للرد على الخطة المقترحة من الرئيس الأمريكي 'لإنهاء الحرب في غزة'؛ خاصة بعد أن جدد البيت الأبيض مهلة الرد حتى الأحد 5/10/2025 الساعة السادسة بتوقيت الولايات المتحدة! وبعيداً عن تلك المناظرات، تستعرض هذه المقالة أسس التحليل المنهجي السليم التي يتوجب إتباعها الوصول للرأي الأنسب؛ وعلى رأسها ما يلي: دقة تحديد المعطيات على أرض الواقع. ومن ثم دقة المفاضلة بين المزايا والمضار. وأخيرا، آلية التعامل مع مرحلة ما بعد القرار. كي لا يكون القرار محكوم بالخطأ. إذن ومن حيث المعطيات:
1. حكومة النتنياهو الحالية هي الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل. بل أنها الوحيدة التي جاهرت قولا وفعلا بمجابهة القانون الدولي والرأي العام العالمي الى ما نشهده اليوم، دون ذرائع أو أكاذيب متمكنة- كما جرت العادة؛ 2. تسببت فداحة الجرائم المرتكبة بتعرية الحكومة أمام العالم وعزل قيادييها وإرغام العديد من الدول الحليفة على الاعتراف- ولو ظاهريا على الفرض- بفلسطين؛ 3. تمكنت قدرة المقاومة على الصمود، من إعادة فرض عدالة القضية الفلسطينية لتتصدر واجهات الإعلام العالمي والغربي- خاصة بعدما ساهمت به دعوى جنوب أفريقيا من عرض واقعي لحقيقة الأحداث وأصل النزاع ونفي الأكاذيب التي كانت قد استحوذت على المغيبين من الغرب قبلها؛ 4. لم تكن القيادات الغربية أو الولايات المتحدة الأمريكية لتعرض خطة 'إنهاء الحرب' لو ترك الأمر لها بتبرير جرائم الاحتلال بأحداث السابع من أكتوبر. إلا أن الدبلوماسية العربية/الإسلامية الفاعلة والمشهودة في الفترة الحالية، بالإضافة الى تعرية المستور أمام الشباب الغربي المؤمن بحقوق الإنسان، ساهم بالضغط لما وصلنا اليه؛ 5. في ضوء ما سبق، أيقن الكيان من أن أي إنجاز عسكري له، إن تحقق، يقابله مزيد من العزلة الدولية ورفضٍ من شعوب العالم الحر. كما أيقنت قيادات الغرب الديمقراطي، بأن أي مجازفة باستمرار دعمهم اللامحدود لجرائم الاحتلال بعد الآن، تصيب حظوظهم الانتخابية في مقتل؛ 6. بل أيقن أيضا بأن الجهود العربية الدبلوماسية المتمثلة بطرح ودعم حل الدولتين باتت تحرج مخالفيها من أتباع النفوذ الإسرائيلي. خاصة وأنها لازالت متزامنة مع فشل حكومة النتنياهو عن تحقيق أهدافها أو كسر عزيمة المقاومة- على مدار أكثر من 724 يوم من الدمار الشامل؛ 7. بادرت جهود الرئيس الأمريكي، الساعي خلف جائزة نوبل للسلام، بطرح الخطة الحالية التي أسهمت في التنفيس من الاحتقان العالمي. إلا أنها، ومن عنوانها، معنيةٌ أساسا بوقف الحرب أكثر مما هي معنية باجتثاث أسبابة. الأمر الذي يستتبع حصار المقاومة وتحميلها مسؤولية رفض السلام؛ 8. توقن المقاومة بالمقابل، بأن أي حلول مجتزئة تتجاوز تحرير فلسطين هي بمثابة تنازل عما سبق من نضال. بينما تعي تماما بأن خياراتها محصورة بالقبول المجمل أو النقيض. كما وتعي بأن مشروع النتنياهو وحكومته لم يعد قاصرا على تدمير 'حماس' فحسب، بل تصفية القضية الفلسطينية والتهجير والضم؛ وبأن رفضها سيتربع صدارة التبريرات الإسرائيلية لمتابعة جرائمها ضد أهلنا في غزة وعموم فلسطين؛ 9. كما أراهن شخصيا بأن المقاومة تعي أيضا، بأن مصدر قوتها منبثق من مدى ايمانها وعزيمتها ابتداءً؛ ومدى قدرتها على الثبات والاستمرارية في حال الخلاف؛ وأخيرا، قدرتها على الحفاظ على نتاج دعم الدبلوماسية العربية لحق فلسطين بالوجود، وما حققته من تعاطف مستحق لدى أطياف الشباب في المجتمعات الغربية والعربية الفاعلة؛ 10. بينما آمل بأنها تعي أخيراً، بأن هذا التعاطف في الشارع الغربي ليس بالضرورة منخرطاً مع 'حماس بذاتها' بقدر ما هو مرتبط بمظلة أكبر ألا وهي حق أطفال فلسطين بالأمن والسلام!.
أما من حيث المزايا والمضار، تتمثل أبرز المزايا في وقف الاعتداء وسلامة الأهل ومنع التهجير والضم تحت مظلة التعهدات الأمريكية، ووطأة المسائلة من الدبلوماسية العالمية والناخب الغربي. بينما يتمثل أبرز الأضرار بالنقيض- مع تبرير الإعلام المتواطئ لما سيتبع من دمار بذريعة 'رفض حماس للسلام'! وبخصوص التعامل مع تبعات ما بعد الرفض، فهي خاضعة لتقييم 'حماس' لقدرات البيت الداخلي من حيث الصمود والمحافظة على المكتسبات أعلاه!.
ليست بالخيارات السهلة إطلاقاً ولكن على قدر أهل العزم تُؤْتَى العزائم! هنالك هامش للضغط يتوجب على حماس استغلاله، وهو ما عبرت عنه مجموعة دول كالأردن والسعودية ومصر وقطر وتركيا؛ على لسان البيان السعودي الأخير- بأن أضاف 'التمسك بنتائج مؤتمر حل الدولتين للوصول للسلام الشامل على حدود ال67 وعاصمتها القدس الشرقية'. بينما تحافظ على دعم الشارع الغربي بأن تجعل الخطة محرجة لحكومة النتنياهو عند مناقشة التزام إسرائيل بعدم ضم الضفة الغربية تنكيسا للبعد العقائدي الإسرائيلي بحلم 'إسرائيل الكبرى'.
أخيراً، تعي المقاومة بأن تقييم نجاح القرارات السياسية هو تقييم تراكمي للناتج النهائي؛ بينما يفرض علم المفاوضة ضرورة ترك مجال للمناورة بالمسائل العالقة. ومن خلال المعطيات أعلاه، يتبين ضرورة الحذر الشديد عند صياغة قرارها المرتقب كي تضمن حفاظ فلسطين على ما تحقق من دعمٍ دبلوماسيٍ عربي عالمي من جهة، وشعبيٍ غربي من جهة أخرى. ومن أمثلة المناورة المستحقة في هذا الخصوص، إما أن تراهن على ما سبق من جهود دبلوماسية وشعبية مشهودة؛ أو أن تستعيض عن الرد بالاستفسار عن موقف الخطة الأمريكية من حل الدولتين والضمانات المطروحة لتنفيذها! وهي استفسارات تبررها المخاوف الفلسطينية، ويقبلها منطق الشارع الغربي، وتعيد تمكين الدبلوماسية العربية من المناورة سعيا لما بعدها. إذن وبعيداً عن العواطف، هي حرب الحفاظ على الدعم الدبلوماسي والرأي العالمي، ترويها دماء الشهداء، والله ولي المستضعفين.
* بسام محمد أبو رمان/ خبير القانون الدولي والمحلل السياسي.
تضج كافة وسائل الإعلام الإخبارية ومنصات التحليل السياسي بمحاولات افتراض الموقف الأنسب الذي يتوجب على حركة حماس- وفقا لرأي المناظر- اتخاذه، للرد على الخطة المقترحة من الرئيس الأمريكي 'لإنهاء الحرب في غزة'؛ خاصة بعد أن جدد البيت الأبيض مهلة الرد حتى الأحد 5/10/2025 الساعة السادسة بتوقيت الولايات المتحدة! وبعيداً عن تلك المناظرات، تستعرض هذه المقالة أسس التحليل المنهجي السليم التي يتوجب إتباعها الوصول للرأي الأنسب؛ وعلى رأسها ما يلي: دقة تحديد المعطيات على أرض الواقع. ومن ثم دقة المفاضلة بين المزايا والمضار. وأخيرا، آلية التعامل مع مرحلة ما بعد القرار. كي لا يكون القرار محكوم بالخطأ. إذن ومن حيث المعطيات:
1. حكومة النتنياهو الحالية هي الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل. بل أنها الوحيدة التي جاهرت قولا وفعلا بمجابهة القانون الدولي والرأي العام العالمي الى ما نشهده اليوم، دون ذرائع أو أكاذيب متمكنة- كما جرت العادة؛ 2. تسببت فداحة الجرائم المرتكبة بتعرية الحكومة أمام العالم وعزل قيادييها وإرغام العديد من الدول الحليفة على الاعتراف- ولو ظاهريا على الفرض- بفلسطين؛ 3. تمكنت قدرة المقاومة على الصمود، من إعادة فرض عدالة القضية الفلسطينية لتتصدر واجهات الإعلام العالمي والغربي- خاصة بعدما ساهمت به دعوى جنوب أفريقيا من عرض واقعي لحقيقة الأحداث وأصل النزاع ونفي الأكاذيب التي كانت قد استحوذت على المغيبين من الغرب قبلها؛ 4. لم تكن القيادات الغربية أو الولايات المتحدة الأمريكية لتعرض خطة 'إنهاء الحرب' لو ترك الأمر لها بتبرير جرائم الاحتلال بأحداث السابع من أكتوبر. إلا أن الدبلوماسية العربية/الإسلامية الفاعلة والمشهودة في الفترة الحالية، بالإضافة الى تعرية المستور أمام الشباب الغربي المؤمن بحقوق الإنسان، ساهم بالضغط لما وصلنا اليه؛ 5. في ضوء ما سبق، أيقن الكيان من أن أي إنجاز عسكري له، إن تحقق، يقابله مزيد من العزلة الدولية ورفضٍ من شعوب العالم الحر. كما أيقنت قيادات الغرب الديمقراطي، بأن أي مجازفة باستمرار دعمهم اللامحدود لجرائم الاحتلال بعد الآن، تصيب حظوظهم الانتخابية في مقتل؛ 6. بل أيقن أيضا بأن الجهود العربية الدبلوماسية المتمثلة بطرح ودعم حل الدولتين باتت تحرج مخالفيها من أتباع النفوذ الإسرائيلي. خاصة وأنها لازالت متزامنة مع فشل حكومة النتنياهو عن تحقيق أهدافها أو كسر عزيمة المقاومة- على مدار أكثر من 724 يوم من الدمار الشامل؛ 7. بادرت جهود الرئيس الأمريكي، الساعي خلف جائزة نوبل للسلام، بطرح الخطة الحالية التي أسهمت في التنفيس من الاحتقان العالمي. إلا أنها، ومن عنوانها، معنيةٌ أساسا بوقف الحرب أكثر مما هي معنية باجتثاث أسبابة. الأمر الذي يستتبع حصار المقاومة وتحميلها مسؤولية رفض السلام؛ 8. توقن المقاومة بالمقابل، بأن أي حلول مجتزئة تتجاوز تحرير فلسطين هي بمثابة تنازل عما سبق من نضال. بينما تعي تماما بأن خياراتها محصورة بالقبول المجمل أو النقيض. كما وتعي بأن مشروع النتنياهو وحكومته لم يعد قاصرا على تدمير 'حماس' فحسب، بل تصفية القضية الفلسطينية والتهجير والضم؛ وبأن رفضها سيتربع صدارة التبريرات الإسرائيلية لمتابعة جرائمها ضد أهلنا في غزة وعموم فلسطين؛ 9. كما أراهن شخصيا بأن المقاومة تعي أيضا، بأن مصدر قوتها منبثق من مدى ايمانها وعزيمتها ابتداءً؛ ومدى قدرتها على الثبات والاستمرارية في حال الخلاف؛ وأخيرا، قدرتها على الحفاظ على نتاج دعم الدبلوماسية العربية لحق فلسطين بالوجود، وما حققته من تعاطف مستحق لدى أطياف الشباب في المجتمعات الغربية والعربية الفاعلة؛ 10. بينما آمل بأنها تعي أخيراً، بأن هذا التعاطف في الشارع الغربي ليس بالضرورة منخرطاً مع 'حماس بذاتها' بقدر ما هو مرتبط بمظلة أكبر ألا وهي حق أطفال فلسطين بالأمن والسلام!.
أما من حيث المزايا والمضار، تتمثل أبرز المزايا في وقف الاعتداء وسلامة الأهل ومنع التهجير والضم تحت مظلة التعهدات الأمريكية، ووطأة المسائلة من الدبلوماسية العالمية والناخب الغربي. بينما يتمثل أبرز الأضرار بالنقيض- مع تبرير الإعلام المتواطئ لما سيتبع من دمار بذريعة 'رفض حماس للسلام'! وبخصوص التعامل مع تبعات ما بعد الرفض، فهي خاضعة لتقييم 'حماس' لقدرات البيت الداخلي من حيث الصمود والمحافظة على المكتسبات أعلاه!.
ليست بالخيارات السهلة إطلاقاً ولكن على قدر أهل العزم تُؤْتَى العزائم! هنالك هامش للضغط يتوجب على حماس استغلاله، وهو ما عبرت عنه مجموعة دول كالأردن والسعودية ومصر وقطر وتركيا؛ على لسان البيان السعودي الأخير- بأن أضاف 'التمسك بنتائج مؤتمر حل الدولتين للوصول للسلام الشامل على حدود ال67 وعاصمتها القدس الشرقية'. بينما تحافظ على دعم الشارع الغربي بأن تجعل الخطة محرجة لحكومة النتنياهو عند مناقشة التزام إسرائيل بعدم ضم الضفة الغربية تنكيسا للبعد العقائدي الإسرائيلي بحلم 'إسرائيل الكبرى'.
أخيراً، تعي المقاومة بأن تقييم نجاح القرارات السياسية هو تقييم تراكمي للناتج النهائي؛ بينما يفرض علم المفاوضة ضرورة ترك مجال للمناورة بالمسائل العالقة. ومن خلال المعطيات أعلاه، يتبين ضرورة الحذر الشديد عند صياغة قرارها المرتقب كي تضمن حفاظ فلسطين على ما تحقق من دعمٍ دبلوماسيٍ عربي عالمي من جهة، وشعبيٍ غربي من جهة أخرى. ومن أمثلة المناورة المستحقة في هذا الخصوص، إما أن تراهن على ما سبق من جهود دبلوماسية وشعبية مشهودة؛ أو أن تستعيض عن الرد بالاستفسار عن موقف الخطة الأمريكية من حل الدولتين والضمانات المطروحة لتنفيذها! وهي استفسارات تبررها المخاوف الفلسطينية، ويقبلها منطق الشارع الغربي، وتعيد تمكين الدبلوماسية العربية من المناورة سعيا لما بعدها. إذن وبعيداً عن العواطف، هي حرب الحفاظ على الدعم الدبلوماسي والرأي العالمي، ترويها دماء الشهداء، والله ولي المستضعفين.
* بسام محمد أبو رمان/ خبير القانون الدولي والمحلل السياسي.
التعليقات