أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة 'عِش الحياة' (LIVE LIFE)، التي تهدف إلى الوقاية من الانتحار من خلال أربعة تدخلات رئيسية مدعومة بالأدلة. ولم تقتصر المبادرة على التوصيات النظرية، بل رافقها نشر موارد عملية، مثل تقييد وسائل الانتحار الشائعة (مثل المبيدات الحشرية أو الأسلحة النارية) عبر تشريعات وإجراءات وقائية، وتعزيز التغطية المسؤولة في وسائل الإعلام بحيث يتم تناول أخبار الانتحار بطرق لا تزيد من انتشار الفكرة أو تطبيعها. كما ركزت المبادرة على تنمية مهارات الحياة بين الشباب، وخاصة مهارات التكيّف، التفكير الإيجابي، وإدارة الضغوط النفسية، إضافة إلى التعرف المبكر على الأشخاص المعرضين للخطر وتقديم الرعاية المناسبة لهم عبر أنظمة دعم مجتمعية وصحية فعّالة.
إن النقاش حول الانتحار لا يكتمل دون التطرق إلى أساليب المواجهة التي يعتمدها الأفراد في التعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية. فالدراسات تشير إلى أن الطلبة الجامعيين، بحكم المرحلة العمرية والانتقالية التي يعيشونها، يكونون أكثر عرضة لاستخدام استراتيجيات مواجهة قد تكون غير فعّالة مثل التجنّب، الانسحاب، أو الاستسلام للأفكار السلبية. هذه الأساليب تزيد من احتمالية التفكير الانتحاري لأنها لا تقدم حلولاً حقيقية لمشكلات الواقع.
في المقابل، فإن تبنّي استراتيجيات مواجهة إيجابية مثل إعادة التقييم المعرفي (Cognitive Reappraisal)، طلب الدعم الاجتماعي، المشاركة في الأنشطة الجماعية، وممارسة أنماط حياة صحية (رياضة، نوم منتظم، تغذية متوازنة) يرتبط بشكل مباشر بانخفاض معدلات التفكير الانتحاري. وقد أظهرت نتائج دراسة Khurana & Romer 2013)) أن الطلاب الذين يمتلكون مهارات مواجهة فعّالة يكونون أقل عرضة للانخراط في أفكار انتحارية، مقارنة بأقرانهم الذين يفتقدون هذه المهارات.
هنا يتقاطع دور مبادرة 'عِش الحياة' مع واقع الطلبة الجامعيين، إذ أن أحد أعمدتها الأربعة يقوم على تنمية مهارات الحياة، بما فيها مهارات التكيّف والتفكير الإيجابي.
فعندما يتم تدريب الشباب على استراتيجيات مواجهة عملية، يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات دون الانزلاق إلى مسارات مؤذية. الجامعات يمكن أن تلعب دوراً محورياً في هذا الجانب من خلال إدماج ورش عمل للتفكير الإيجابي وإدارة الضغوط ضمن برامج الإرشاد الأكاديمي، وإنشاء مراكز دعم نفسي مجاني وسري للطلبة، وتشجيع ثقافة 'طلب المساعدة' باعتبارها قوة لا ضعف.
إن الانتحار ليس قضية فردية بقدر ما هو مرآة لمدى قدرة المجتمع على رعاية أفراده. فالمسؤولية هنا تتوزع بين الفرد، الذي يحتاج إلى تنمية مهارات المواجهة والوعي بالصحة النفسية، وبين الأسرة التي تُعتبر خط الدفاع الأول في ملاحظة التغيرات السلوكية ودعم أبنائها، وكذلك المؤسسات التعليمية والصحية التي يقع على عاتقها خلق بيئات آمنة، داعمة وخالية من الوصمة.
مبادرة 'عِش الحياة' تذكّرنا بأن الوقاية لا تُبنى بخطوات فردية معزولة، بل من خلال شراكات متكاملة تجمع بين السياسات الوطنية، والبرامج المجتمعية، والدعم المؤسسي. الجامعات على وجه الخصوص يمكن أن تتحول إلى منصات لنشر ثقافة الأمل، وتشجيع الحوار المفتوح حول الضغوط والانفعالات، وكسر حاجز الصمت الذي يحيط بالانتحار.
الانتحار بوصفه ظاهرة اجتماعية: عرف عالم الاجتماع اميل دوركهايم الانتحار في مقدمة كتابه 'الانتحار' بقوله: نسمي انتحارا كل حالة موت تننجم بنحو مباشر او غير مباشر عن فعل إيجابي او سلبي تنفذه الضحية ذاتها والتي كانت تعلم بالنتيجة المترتبة على فعلها بالضرورة.
وقد يتم الانتحار بطرائق وكيفيات متعددة مثل: تناول السم والطعن بالادوات الحادة والسقوط من الأماكن العالية والحرق والغرق وغير ذلك من الحالات الانتحارية. وكان دوركهايم مهتما بشرح اختلاف الانتحار بين المجموعات المختلفة، واستطاع الحصول على بيانات الانتحار في فترات زمنية مختلافة، وبمساعدة هذه البيانات اثبت ان الانتحار ظاهرة اجتماعية ترتبط جوهريا بقضايا المجتمع وناجمة عن تاثير العوامل الاجتماعية المختلفة وان معدل الانتحار واسبابه تتحدد بدرجة اندماج الافراد بالجماعة وتكيفهم مع الحياة الاجتماعية، أيضا يسلط الضوء على العلاقة بين المجتمع والفرد والمجموعات الاجتماعية فيما بينها باعتبار الفرد جزءا من هذه المجموعة.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية ان الانتحار هو السبب الثالث للوفاة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً، حيث ينتحر أكثر من 720,000 شخص سنوياً. وأن 73% من حالات الانتحار في العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وأن كل حالة انتحار تقابلها عدة محاولات أخرى لم تكتمل. كما أن الانتحار يتسبب سنوياً في وفيات تفوق الوفيات الناتجة عن الحروب وجرائم القتل وحوادث الطرق مجتمعة، وهو ما يعكس حجم الخطر العالمي لهذه الظاهرة .
في النهاية، يمكن القول إن الاستثمار الحقيقي في مواجهة الانتحار يبدأ من تعزيز الصمود النفسي لدى الأفراد، وتوفير قنوات آمنة للتعبير وطلب المساعدة، مع تبني سياسات تحمي الفئات الأكثر هشاشة. فـ'عِش الحياة' ليست مجرد شعار، بل هي دعوة عالمية لأن نعيد الاعتبار للحياة نفسها كأغلى قيمة إنسانية تستحق أن نصونها بكل ما أوتينا من معرفة وجهد وتعاطف.
أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة 'عِش الحياة' (LIVE LIFE)، التي تهدف إلى الوقاية من الانتحار من خلال أربعة تدخلات رئيسية مدعومة بالأدلة. ولم تقتصر المبادرة على التوصيات النظرية، بل رافقها نشر موارد عملية، مثل تقييد وسائل الانتحار الشائعة (مثل المبيدات الحشرية أو الأسلحة النارية) عبر تشريعات وإجراءات وقائية، وتعزيز التغطية المسؤولة في وسائل الإعلام بحيث يتم تناول أخبار الانتحار بطرق لا تزيد من انتشار الفكرة أو تطبيعها. كما ركزت المبادرة على تنمية مهارات الحياة بين الشباب، وخاصة مهارات التكيّف، التفكير الإيجابي، وإدارة الضغوط النفسية، إضافة إلى التعرف المبكر على الأشخاص المعرضين للخطر وتقديم الرعاية المناسبة لهم عبر أنظمة دعم مجتمعية وصحية فعّالة.
إن النقاش حول الانتحار لا يكتمل دون التطرق إلى أساليب المواجهة التي يعتمدها الأفراد في التعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية. فالدراسات تشير إلى أن الطلبة الجامعيين، بحكم المرحلة العمرية والانتقالية التي يعيشونها، يكونون أكثر عرضة لاستخدام استراتيجيات مواجهة قد تكون غير فعّالة مثل التجنّب، الانسحاب، أو الاستسلام للأفكار السلبية. هذه الأساليب تزيد من احتمالية التفكير الانتحاري لأنها لا تقدم حلولاً حقيقية لمشكلات الواقع.
في المقابل، فإن تبنّي استراتيجيات مواجهة إيجابية مثل إعادة التقييم المعرفي (Cognitive Reappraisal)، طلب الدعم الاجتماعي، المشاركة في الأنشطة الجماعية، وممارسة أنماط حياة صحية (رياضة، نوم منتظم، تغذية متوازنة) يرتبط بشكل مباشر بانخفاض معدلات التفكير الانتحاري. وقد أظهرت نتائج دراسة Khurana & Romer 2013)) أن الطلاب الذين يمتلكون مهارات مواجهة فعّالة يكونون أقل عرضة للانخراط في أفكار انتحارية، مقارنة بأقرانهم الذين يفتقدون هذه المهارات.
هنا يتقاطع دور مبادرة 'عِش الحياة' مع واقع الطلبة الجامعيين، إذ أن أحد أعمدتها الأربعة يقوم على تنمية مهارات الحياة، بما فيها مهارات التكيّف والتفكير الإيجابي.
فعندما يتم تدريب الشباب على استراتيجيات مواجهة عملية، يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات دون الانزلاق إلى مسارات مؤذية. الجامعات يمكن أن تلعب دوراً محورياً في هذا الجانب من خلال إدماج ورش عمل للتفكير الإيجابي وإدارة الضغوط ضمن برامج الإرشاد الأكاديمي، وإنشاء مراكز دعم نفسي مجاني وسري للطلبة، وتشجيع ثقافة 'طلب المساعدة' باعتبارها قوة لا ضعف.
إن الانتحار ليس قضية فردية بقدر ما هو مرآة لمدى قدرة المجتمع على رعاية أفراده. فالمسؤولية هنا تتوزع بين الفرد، الذي يحتاج إلى تنمية مهارات المواجهة والوعي بالصحة النفسية، وبين الأسرة التي تُعتبر خط الدفاع الأول في ملاحظة التغيرات السلوكية ودعم أبنائها، وكذلك المؤسسات التعليمية والصحية التي يقع على عاتقها خلق بيئات آمنة، داعمة وخالية من الوصمة.
مبادرة 'عِش الحياة' تذكّرنا بأن الوقاية لا تُبنى بخطوات فردية معزولة، بل من خلال شراكات متكاملة تجمع بين السياسات الوطنية، والبرامج المجتمعية، والدعم المؤسسي. الجامعات على وجه الخصوص يمكن أن تتحول إلى منصات لنشر ثقافة الأمل، وتشجيع الحوار المفتوح حول الضغوط والانفعالات، وكسر حاجز الصمت الذي يحيط بالانتحار.
الانتحار بوصفه ظاهرة اجتماعية: عرف عالم الاجتماع اميل دوركهايم الانتحار في مقدمة كتابه 'الانتحار' بقوله: نسمي انتحارا كل حالة موت تننجم بنحو مباشر او غير مباشر عن فعل إيجابي او سلبي تنفذه الضحية ذاتها والتي كانت تعلم بالنتيجة المترتبة على فعلها بالضرورة.
وقد يتم الانتحار بطرائق وكيفيات متعددة مثل: تناول السم والطعن بالادوات الحادة والسقوط من الأماكن العالية والحرق والغرق وغير ذلك من الحالات الانتحارية. وكان دوركهايم مهتما بشرح اختلاف الانتحار بين المجموعات المختلفة، واستطاع الحصول على بيانات الانتحار في فترات زمنية مختلافة، وبمساعدة هذه البيانات اثبت ان الانتحار ظاهرة اجتماعية ترتبط جوهريا بقضايا المجتمع وناجمة عن تاثير العوامل الاجتماعية المختلفة وان معدل الانتحار واسبابه تتحدد بدرجة اندماج الافراد بالجماعة وتكيفهم مع الحياة الاجتماعية، أيضا يسلط الضوء على العلاقة بين المجتمع والفرد والمجموعات الاجتماعية فيما بينها باعتبار الفرد جزءا من هذه المجموعة.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية ان الانتحار هو السبب الثالث للوفاة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً، حيث ينتحر أكثر من 720,000 شخص سنوياً. وأن 73% من حالات الانتحار في العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وأن كل حالة انتحار تقابلها عدة محاولات أخرى لم تكتمل. كما أن الانتحار يتسبب سنوياً في وفيات تفوق الوفيات الناتجة عن الحروب وجرائم القتل وحوادث الطرق مجتمعة، وهو ما يعكس حجم الخطر العالمي لهذه الظاهرة .
في النهاية، يمكن القول إن الاستثمار الحقيقي في مواجهة الانتحار يبدأ من تعزيز الصمود النفسي لدى الأفراد، وتوفير قنوات آمنة للتعبير وطلب المساعدة، مع تبني سياسات تحمي الفئات الأكثر هشاشة. فـ'عِش الحياة' ليست مجرد شعار، بل هي دعوة عالمية لأن نعيد الاعتبار للحياة نفسها كأغلى قيمة إنسانية تستحق أن نصونها بكل ما أوتينا من معرفة وجهد وتعاطف.
أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة 'عِش الحياة' (LIVE LIFE)، التي تهدف إلى الوقاية من الانتحار من خلال أربعة تدخلات رئيسية مدعومة بالأدلة. ولم تقتصر المبادرة على التوصيات النظرية، بل رافقها نشر موارد عملية، مثل تقييد وسائل الانتحار الشائعة (مثل المبيدات الحشرية أو الأسلحة النارية) عبر تشريعات وإجراءات وقائية، وتعزيز التغطية المسؤولة في وسائل الإعلام بحيث يتم تناول أخبار الانتحار بطرق لا تزيد من انتشار الفكرة أو تطبيعها. كما ركزت المبادرة على تنمية مهارات الحياة بين الشباب، وخاصة مهارات التكيّف، التفكير الإيجابي، وإدارة الضغوط النفسية، إضافة إلى التعرف المبكر على الأشخاص المعرضين للخطر وتقديم الرعاية المناسبة لهم عبر أنظمة دعم مجتمعية وصحية فعّالة.
إن النقاش حول الانتحار لا يكتمل دون التطرق إلى أساليب المواجهة التي يعتمدها الأفراد في التعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية. فالدراسات تشير إلى أن الطلبة الجامعيين، بحكم المرحلة العمرية والانتقالية التي يعيشونها، يكونون أكثر عرضة لاستخدام استراتيجيات مواجهة قد تكون غير فعّالة مثل التجنّب، الانسحاب، أو الاستسلام للأفكار السلبية. هذه الأساليب تزيد من احتمالية التفكير الانتحاري لأنها لا تقدم حلولاً حقيقية لمشكلات الواقع.
في المقابل، فإن تبنّي استراتيجيات مواجهة إيجابية مثل إعادة التقييم المعرفي (Cognitive Reappraisal)، طلب الدعم الاجتماعي، المشاركة في الأنشطة الجماعية، وممارسة أنماط حياة صحية (رياضة، نوم منتظم، تغذية متوازنة) يرتبط بشكل مباشر بانخفاض معدلات التفكير الانتحاري. وقد أظهرت نتائج دراسة Khurana & Romer 2013)) أن الطلاب الذين يمتلكون مهارات مواجهة فعّالة يكونون أقل عرضة للانخراط في أفكار انتحارية، مقارنة بأقرانهم الذين يفتقدون هذه المهارات.
هنا يتقاطع دور مبادرة 'عِش الحياة' مع واقع الطلبة الجامعيين، إذ أن أحد أعمدتها الأربعة يقوم على تنمية مهارات الحياة، بما فيها مهارات التكيّف والتفكير الإيجابي.
فعندما يتم تدريب الشباب على استراتيجيات مواجهة عملية، يصبحون أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات دون الانزلاق إلى مسارات مؤذية. الجامعات يمكن أن تلعب دوراً محورياً في هذا الجانب من خلال إدماج ورش عمل للتفكير الإيجابي وإدارة الضغوط ضمن برامج الإرشاد الأكاديمي، وإنشاء مراكز دعم نفسي مجاني وسري للطلبة، وتشجيع ثقافة 'طلب المساعدة' باعتبارها قوة لا ضعف.
إن الانتحار ليس قضية فردية بقدر ما هو مرآة لمدى قدرة المجتمع على رعاية أفراده. فالمسؤولية هنا تتوزع بين الفرد، الذي يحتاج إلى تنمية مهارات المواجهة والوعي بالصحة النفسية، وبين الأسرة التي تُعتبر خط الدفاع الأول في ملاحظة التغيرات السلوكية ودعم أبنائها، وكذلك المؤسسات التعليمية والصحية التي يقع على عاتقها خلق بيئات آمنة، داعمة وخالية من الوصمة.
مبادرة 'عِش الحياة' تذكّرنا بأن الوقاية لا تُبنى بخطوات فردية معزولة، بل من خلال شراكات متكاملة تجمع بين السياسات الوطنية، والبرامج المجتمعية، والدعم المؤسسي. الجامعات على وجه الخصوص يمكن أن تتحول إلى منصات لنشر ثقافة الأمل، وتشجيع الحوار المفتوح حول الضغوط والانفعالات، وكسر حاجز الصمت الذي يحيط بالانتحار.
الانتحار بوصفه ظاهرة اجتماعية: عرف عالم الاجتماع اميل دوركهايم الانتحار في مقدمة كتابه 'الانتحار' بقوله: نسمي انتحارا كل حالة موت تننجم بنحو مباشر او غير مباشر عن فعل إيجابي او سلبي تنفذه الضحية ذاتها والتي كانت تعلم بالنتيجة المترتبة على فعلها بالضرورة.
وقد يتم الانتحار بطرائق وكيفيات متعددة مثل: تناول السم والطعن بالادوات الحادة والسقوط من الأماكن العالية والحرق والغرق وغير ذلك من الحالات الانتحارية. وكان دوركهايم مهتما بشرح اختلاف الانتحار بين المجموعات المختلفة، واستطاع الحصول على بيانات الانتحار في فترات زمنية مختلافة، وبمساعدة هذه البيانات اثبت ان الانتحار ظاهرة اجتماعية ترتبط جوهريا بقضايا المجتمع وناجمة عن تاثير العوامل الاجتماعية المختلفة وان معدل الانتحار واسبابه تتحدد بدرجة اندماج الافراد بالجماعة وتكيفهم مع الحياة الاجتماعية، أيضا يسلط الضوء على العلاقة بين المجتمع والفرد والمجموعات الاجتماعية فيما بينها باعتبار الفرد جزءا من هذه المجموعة.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية ان الانتحار هو السبب الثالث للوفاة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً، حيث ينتحر أكثر من 720,000 شخص سنوياً. وأن 73% من حالات الانتحار في العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وأن كل حالة انتحار تقابلها عدة محاولات أخرى لم تكتمل. كما أن الانتحار يتسبب سنوياً في وفيات تفوق الوفيات الناتجة عن الحروب وجرائم القتل وحوادث الطرق مجتمعة، وهو ما يعكس حجم الخطر العالمي لهذه الظاهرة .
في النهاية، يمكن القول إن الاستثمار الحقيقي في مواجهة الانتحار يبدأ من تعزيز الصمود النفسي لدى الأفراد، وتوفير قنوات آمنة للتعبير وطلب المساعدة، مع تبني سياسات تحمي الفئات الأكثر هشاشة. فـ'عِش الحياة' ليست مجرد شعار، بل هي دعوة عالمية لأن نعيد الاعتبار للحياة نفسها كأغلى قيمة إنسانية تستحق أن نصونها بكل ما أوتينا من معرفة وجهد وتعاطف.
التعليقات