حين يختلط الدم بالتراب وتعلو الأصوات الزائفة على الحقيقة في ساحات عمّان يهتفون: “يا للعار، أردني يعده بالدار، وكل الأردن حمساوية!”.
وفي زمن الضجيج العالي والخطابات الفارغة، أصبح من السهل على من لم يحمل بندقية يومًا، ولم يذق مرارة الخندق، أن يُنصّب نفسه قاضيًا يصدر الأحكام على الآخرين، ويتهم الشعوب، ويمحو التضحيات بجرة شعار أو نبرة حنجرة.
في بعض المظاهرات الأخيرة، تجرأ البعض—بجهل أو بخبث—على النيل من كرامة الأردنيين، واتهامهم زورًا بالتخاذل تجاه فلسطين. وهو اتهام لا يفضح الأردنيين، بل يفضح ذاكرة هؤلاء، وينكأ جراح الحقيقة التي لا يمحوها الغبار، ولا ينال منها الصراخ.
نقول لهؤلاء الذين يرفعون أصواتهم في الساحات ويتطاولون على أهل الوفاء: كفّوا عن هذا الغثاء. فالشعوب لا تُقاس بحناجرها، بل بتاريخها، ومواقفها، ودماء شهدائها. والأردنيون، من السلف الصالح من آبائنا وأجدادنا، قد أدّوا ما لم تؤدّه شعوب كثيرة—وأنتم منها. وقف أهلنا ذات يوم عند نداء الواجب، وضحّوا دون انتظار ثناء، وظلوا أوفياء رغم الجراح. فإن كنتم لا تعرفون ذلك، فهذه مشكلتكم مع التاريخ… لا مع الأردن.
الأردنيون لم يكونوا يومًا تابعين لحماس أو لغيرها، ولم يكونوا أبدًا على هامش القضية الفلسطينية. كانوا دومًا في القلب منها، لا منّةً ولا دعاية. فمنذ ثورة البراق في أواخر العشرينيات، هبّ الأردنيون من قرى الشمال والجنوب، يعبرون نهر الأردن خلسة، حاملين السلاح، منضمّين إلى صفوف المجاهدين، ويدفعون من دمائهم ثمنًا لموقف لم يُطلب منهم، لكنه كان بالنسبة لهم واجبًا يشبه الصلاة.
ولتذكير الناكرين: دماء الجنود الأردنيين سالت على أسوار القدس، وعلى تراب اللد، والخليل، ونابلس. وحكايات الشهادة ما تزال محفورة على أضرحة شهدائنا في مقابر جنين، والرام، والشيخ جراح.
هل نسي هؤلاء أن الأردن هو الدولة الوحيدة التي قاتلت ووقفت سدًا منيعًا في اللد ورام الله؟ وحمت ما تبقى من القدس الشرقية لتكون أول عاصمة عربية محررة تحت سيادة عربية بعد النكبة؟ أم أن ذاكرتهم لا تحتمل إلا الشعارات، ولا تتسع إلا للضجيج؟
في كل الحروب والمواجهات، بقي الأردن على عهده: فاتحًا حدوده للثوار، مستضيفًا للمقاومة، دافعًا ثمنًا باهظًا من أمنه واستقراره. ومع كل ذلك، لم يتوانَ يومًا عن الدفاع عن فلسطين، حتى وهو يعاني أزمات داخلية وتحديات جغرافية وسياسية.
وفي كل محفل، ظل صوت الدبلوماسية الأردنية حاضرًا، واضحًا، لا يناور في الثوابت. بينما بعض من يتهمون الأردن بالخيانة، يجوبون العواصم في مكاتب مموليهم، يجتمعون في فنادق الخمس نجوم، ويكتبون بيانات لا تحمي طفلًا في غزة، ولا ترمّم بيتًا في نابلس.
الفرق بين من يحمل عبء القضية، ومن يعتاش عليها، أن الأول يدفع دمًا، والثاني يرفع لافتة ثم يعود إلى حياته. الأردنيون لا يتاجرون بفلسطين، ولا يستخدمونها مطية لزعامة وهمية. موقفهم نابع من الإيمان بالحق، لا من حاجة لتصفيق، أو شعارات شعبوية.
اليوم، وعبر القيادة الهاشمية، يجوب جلالة الملك العالم دفاعًا عن القضية الفلسطينية، لا بالتنديد الخطابي، بل بالجهد الدبلوماسي، والضغوط السياسية، والرؤية الواضحة. والمفارقة أن من يتهمون الأردن بالتقصير، يصمتون أمام تُجّار الدم وأمراء الفتن.
حمى الله الأردن وفلسطين من هؤلاء
حين يختلط الدم بالتراب وتعلو الأصوات الزائفة على الحقيقة في ساحات عمّان يهتفون: “يا للعار، أردني يعده بالدار، وكل الأردن حمساوية!”.
وفي زمن الضجيج العالي والخطابات الفارغة، أصبح من السهل على من لم يحمل بندقية يومًا، ولم يذق مرارة الخندق، أن يُنصّب نفسه قاضيًا يصدر الأحكام على الآخرين، ويتهم الشعوب، ويمحو التضحيات بجرة شعار أو نبرة حنجرة.
في بعض المظاهرات الأخيرة، تجرأ البعض—بجهل أو بخبث—على النيل من كرامة الأردنيين، واتهامهم زورًا بالتخاذل تجاه فلسطين. وهو اتهام لا يفضح الأردنيين، بل يفضح ذاكرة هؤلاء، وينكأ جراح الحقيقة التي لا يمحوها الغبار، ولا ينال منها الصراخ.
نقول لهؤلاء الذين يرفعون أصواتهم في الساحات ويتطاولون على أهل الوفاء: كفّوا عن هذا الغثاء. فالشعوب لا تُقاس بحناجرها، بل بتاريخها، ومواقفها، ودماء شهدائها. والأردنيون، من السلف الصالح من آبائنا وأجدادنا، قد أدّوا ما لم تؤدّه شعوب كثيرة—وأنتم منها. وقف أهلنا ذات يوم عند نداء الواجب، وضحّوا دون انتظار ثناء، وظلوا أوفياء رغم الجراح. فإن كنتم لا تعرفون ذلك، فهذه مشكلتكم مع التاريخ… لا مع الأردن.
الأردنيون لم يكونوا يومًا تابعين لحماس أو لغيرها، ولم يكونوا أبدًا على هامش القضية الفلسطينية. كانوا دومًا في القلب منها، لا منّةً ولا دعاية. فمنذ ثورة البراق في أواخر العشرينيات، هبّ الأردنيون من قرى الشمال والجنوب، يعبرون نهر الأردن خلسة، حاملين السلاح، منضمّين إلى صفوف المجاهدين، ويدفعون من دمائهم ثمنًا لموقف لم يُطلب منهم، لكنه كان بالنسبة لهم واجبًا يشبه الصلاة.
ولتذكير الناكرين: دماء الجنود الأردنيين سالت على أسوار القدس، وعلى تراب اللد، والخليل، ونابلس. وحكايات الشهادة ما تزال محفورة على أضرحة شهدائنا في مقابر جنين، والرام، والشيخ جراح.
هل نسي هؤلاء أن الأردن هو الدولة الوحيدة التي قاتلت ووقفت سدًا منيعًا في اللد ورام الله؟ وحمت ما تبقى من القدس الشرقية لتكون أول عاصمة عربية محررة تحت سيادة عربية بعد النكبة؟ أم أن ذاكرتهم لا تحتمل إلا الشعارات، ولا تتسع إلا للضجيج؟
في كل الحروب والمواجهات، بقي الأردن على عهده: فاتحًا حدوده للثوار، مستضيفًا للمقاومة، دافعًا ثمنًا باهظًا من أمنه واستقراره. ومع كل ذلك، لم يتوانَ يومًا عن الدفاع عن فلسطين، حتى وهو يعاني أزمات داخلية وتحديات جغرافية وسياسية.
وفي كل محفل، ظل صوت الدبلوماسية الأردنية حاضرًا، واضحًا، لا يناور في الثوابت. بينما بعض من يتهمون الأردن بالخيانة، يجوبون العواصم في مكاتب مموليهم، يجتمعون في فنادق الخمس نجوم، ويكتبون بيانات لا تحمي طفلًا في غزة، ولا ترمّم بيتًا في نابلس.
الفرق بين من يحمل عبء القضية، ومن يعتاش عليها، أن الأول يدفع دمًا، والثاني يرفع لافتة ثم يعود إلى حياته. الأردنيون لا يتاجرون بفلسطين، ولا يستخدمونها مطية لزعامة وهمية. موقفهم نابع من الإيمان بالحق، لا من حاجة لتصفيق، أو شعارات شعبوية.
اليوم، وعبر القيادة الهاشمية، يجوب جلالة الملك العالم دفاعًا عن القضية الفلسطينية، لا بالتنديد الخطابي، بل بالجهد الدبلوماسي، والضغوط السياسية، والرؤية الواضحة. والمفارقة أن من يتهمون الأردن بالتقصير، يصمتون أمام تُجّار الدم وأمراء الفتن.
حمى الله الأردن وفلسطين من هؤلاء
حين يختلط الدم بالتراب وتعلو الأصوات الزائفة على الحقيقة في ساحات عمّان يهتفون: “يا للعار، أردني يعده بالدار، وكل الأردن حمساوية!”.
وفي زمن الضجيج العالي والخطابات الفارغة، أصبح من السهل على من لم يحمل بندقية يومًا، ولم يذق مرارة الخندق، أن يُنصّب نفسه قاضيًا يصدر الأحكام على الآخرين، ويتهم الشعوب، ويمحو التضحيات بجرة شعار أو نبرة حنجرة.
في بعض المظاهرات الأخيرة، تجرأ البعض—بجهل أو بخبث—على النيل من كرامة الأردنيين، واتهامهم زورًا بالتخاذل تجاه فلسطين. وهو اتهام لا يفضح الأردنيين، بل يفضح ذاكرة هؤلاء، وينكأ جراح الحقيقة التي لا يمحوها الغبار، ولا ينال منها الصراخ.
نقول لهؤلاء الذين يرفعون أصواتهم في الساحات ويتطاولون على أهل الوفاء: كفّوا عن هذا الغثاء. فالشعوب لا تُقاس بحناجرها، بل بتاريخها، ومواقفها، ودماء شهدائها. والأردنيون، من السلف الصالح من آبائنا وأجدادنا، قد أدّوا ما لم تؤدّه شعوب كثيرة—وأنتم منها. وقف أهلنا ذات يوم عند نداء الواجب، وضحّوا دون انتظار ثناء، وظلوا أوفياء رغم الجراح. فإن كنتم لا تعرفون ذلك، فهذه مشكلتكم مع التاريخ… لا مع الأردن.
الأردنيون لم يكونوا يومًا تابعين لحماس أو لغيرها، ولم يكونوا أبدًا على هامش القضية الفلسطينية. كانوا دومًا في القلب منها، لا منّةً ولا دعاية. فمنذ ثورة البراق في أواخر العشرينيات، هبّ الأردنيون من قرى الشمال والجنوب، يعبرون نهر الأردن خلسة، حاملين السلاح، منضمّين إلى صفوف المجاهدين، ويدفعون من دمائهم ثمنًا لموقف لم يُطلب منهم، لكنه كان بالنسبة لهم واجبًا يشبه الصلاة.
ولتذكير الناكرين: دماء الجنود الأردنيين سالت على أسوار القدس، وعلى تراب اللد، والخليل، ونابلس. وحكايات الشهادة ما تزال محفورة على أضرحة شهدائنا في مقابر جنين، والرام، والشيخ جراح.
هل نسي هؤلاء أن الأردن هو الدولة الوحيدة التي قاتلت ووقفت سدًا منيعًا في اللد ورام الله؟ وحمت ما تبقى من القدس الشرقية لتكون أول عاصمة عربية محررة تحت سيادة عربية بعد النكبة؟ أم أن ذاكرتهم لا تحتمل إلا الشعارات، ولا تتسع إلا للضجيج؟
في كل الحروب والمواجهات، بقي الأردن على عهده: فاتحًا حدوده للثوار، مستضيفًا للمقاومة، دافعًا ثمنًا باهظًا من أمنه واستقراره. ومع كل ذلك، لم يتوانَ يومًا عن الدفاع عن فلسطين، حتى وهو يعاني أزمات داخلية وتحديات جغرافية وسياسية.
وفي كل محفل، ظل صوت الدبلوماسية الأردنية حاضرًا، واضحًا، لا يناور في الثوابت. بينما بعض من يتهمون الأردن بالخيانة، يجوبون العواصم في مكاتب مموليهم، يجتمعون في فنادق الخمس نجوم، ويكتبون بيانات لا تحمي طفلًا في غزة، ولا ترمّم بيتًا في نابلس.
الفرق بين من يحمل عبء القضية، ومن يعتاش عليها، أن الأول يدفع دمًا، والثاني يرفع لافتة ثم يعود إلى حياته. الأردنيون لا يتاجرون بفلسطين، ولا يستخدمونها مطية لزعامة وهمية. موقفهم نابع من الإيمان بالحق، لا من حاجة لتصفيق، أو شعارات شعبوية.
اليوم، وعبر القيادة الهاشمية، يجوب جلالة الملك العالم دفاعًا عن القضية الفلسطينية، لا بالتنديد الخطابي، بل بالجهد الدبلوماسي، والضغوط السياسية، والرؤية الواضحة. والمفارقة أن من يتهمون الأردن بالتقصير، يصمتون أمام تُجّار الدم وأمراء الفتن.
التعليقات