في خضمّ عالم يتغيّر بسرعة مذهلة ، وتتصادم فيه التيارات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية ، يبقى السؤال الذي يتردّد في وجدان كل أمة وكل مثقف : كيف نوازن بين أصالتنا المتجذّرة وحداثتنا المنشودة ؟ و ليس الأمر مجرّد شعار يتردّد على الألسن ، بل هو مشروع وطني وفكري يحتاج إلى وعي عميق ورؤية بعيدة المدى.
والأصالة هي الجذور التي تمنح الشجرة ثباتها ، وهي القيم التي صاغت شخصية الفرد العربي عبر قرون : لغته ، دينه ، تراثه ، وأعرافه ، وهي ليست قيداً على الحركة ، بل أساساً لأي انطلاق نحو المستقبل ، أما الحداثة فهي الأفق الرحب الذي يفتح أمامنا إمكانات غير محدودة : في العلم ، والتقنية ، والتعليم ، والفكر ، إنها ليست قطيعة مع الماضي ، بل تطويرٌ مستمرّ للحاضر استعداداً للمستقبل.
ولعلّ ما قاله المفكّر المغربي محمد عابد الجابري يوجز الفكرة حين اعتبر أن التراث 'طاقة متجدّدة يمكن استثمارها في بناء الحاضر تكوين العقل العربي ، ينما أشار مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة إلى أنّ أي مشروع حضاري لا ينجح إلا إذا انبثق من بيئته الثقافية ووجد فيه الناس امتداداً لهويتهم.
وحينما ننظر إلى تجارب التنمية في العالم العربي ، نجد أن بعض الدول نجحت في صياغة معادلة دقيقة بين الأصالة والحداثة ، ففي دول الخليج مثلاً ، تُشيَّد ناطحات السحاب بأحدث تقنيات العمارة في العصر ، لكنها تتجاور مع الأسواق الشعبية والمجالس التقليدية التي تحافظ على روح المكان ، و المهرجانات الوطنية تحتفي بالتراث ، بينما الجامعات تستقطب أحدث البحوث وأرقى الخبرات ، هذه الثنائية ليست تناقضاً ، بل صورة من صور التوازن الذي تحتاجه كل أمة.
وحتى في الفنون والأدب ، يمكن رصد هذا التفاعل بين القديم والجديد : الشعر العربي الحديث ما زال يحمل موسيقى البحور القديمة ، لكنه يلبس ثوباً معاصراً يناقش قضايا الإنسان اليوم ، والسينما العربية تحاول أن تقدّم قصصاً محلية برؤية تقنية وإبداعية حديثة.
والتحدّي : هو الانفتاح بلا ذوبان او تمييع و الفقد ، ولعل الخطر الحقيقي لا يكمن في الانفتاح على الحداثة ، بل في الذوبان وفقدان الهوية ، فالأمة التي تتنكّر لجذورها تصبح بلا ملامح ، سهلة الانقياد لأي ثقافة مهيمنة وفي المقابل ، فإن الجمود عند الماضي وحده يجعلها عاجزة عن الإبداع والمنافسة ، إذن ما هو الحل ، فالحل اذن هو الوعي : وعي الأفراد بقيمة تراثهم و موروثهم ، ووعي المؤسسات بضرورة تحديث أدواتها ، ووعي الدولة بأهمية صياغة رؤية متوازنة تدمج الأصالة في مشروع النهضة.
وفي خاتم، إن الأصالة والحداثة جناحان لا غنى للأمة عنهما ؛ أحدهما يمنحها ثبات الهوية الوطنية ، والآخر يفتح لها فضاءات التقدّم |، والنجاح الحقيقي هو أن نحيا بهما معاً ، لا أن نُضحّي بأحدهما في سبيل الآخر ، فالتاريخ يعلّمنا أنّ الأمم التي أحسنت التوازن بين هذين البعدين استطاعت أن تبني حضارة مزدهرة ، قادرة على المنافسة والإلهام.
حمى الله الاردن من كل كريهة وسدد على طريق الخير خطى قيادته وشعبه.
في خضمّ عالم يتغيّر بسرعة مذهلة ، وتتصادم فيه التيارات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية ، يبقى السؤال الذي يتردّد في وجدان كل أمة وكل مثقف : كيف نوازن بين أصالتنا المتجذّرة وحداثتنا المنشودة ؟ و ليس الأمر مجرّد شعار يتردّد على الألسن ، بل هو مشروع وطني وفكري يحتاج إلى وعي عميق ورؤية بعيدة المدى.
والأصالة هي الجذور التي تمنح الشجرة ثباتها ، وهي القيم التي صاغت شخصية الفرد العربي عبر قرون : لغته ، دينه ، تراثه ، وأعرافه ، وهي ليست قيداً على الحركة ، بل أساساً لأي انطلاق نحو المستقبل ، أما الحداثة فهي الأفق الرحب الذي يفتح أمامنا إمكانات غير محدودة : في العلم ، والتقنية ، والتعليم ، والفكر ، إنها ليست قطيعة مع الماضي ، بل تطويرٌ مستمرّ للحاضر استعداداً للمستقبل.
ولعلّ ما قاله المفكّر المغربي محمد عابد الجابري يوجز الفكرة حين اعتبر أن التراث 'طاقة متجدّدة يمكن استثمارها في بناء الحاضر تكوين العقل العربي ، ينما أشار مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة إلى أنّ أي مشروع حضاري لا ينجح إلا إذا انبثق من بيئته الثقافية ووجد فيه الناس امتداداً لهويتهم.
وحينما ننظر إلى تجارب التنمية في العالم العربي ، نجد أن بعض الدول نجحت في صياغة معادلة دقيقة بين الأصالة والحداثة ، ففي دول الخليج مثلاً ، تُشيَّد ناطحات السحاب بأحدث تقنيات العمارة في العصر ، لكنها تتجاور مع الأسواق الشعبية والمجالس التقليدية التي تحافظ على روح المكان ، و المهرجانات الوطنية تحتفي بالتراث ، بينما الجامعات تستقطب أحدث البحوث وأرقى الخبرات ، هذه الثنائية ليست تناقضاً ، بل صورة من صور التوازن الذي تحتاجه كل أمة.
وحتى في الفنون والأدب ، يمكن رصد هذا التفاعل بين القديم والجديد : الشعر العربي الحديث ما زال يحمل موسيقى البحور القديمة ، لكنه يلبس ثوباً معاصراً يناقش قضايا الإنسان اليوم ، والسينما العربية تحاول أن تقدّم قصصاً محلية برؤية تقنية وإبداعية حديثة.
والتحدّي : هو الانفتاح بلا ذوبان او تمييع و الفقد ، ولعل الخطر الحقيقي لا يكمن في الانفتاح على الحداثة ، بل في الذوبان وفقدان الهوية ، فالأمة التي تتنكّر لجذورها تصبح بلا ملامح ، سهلة الانقياد لأي ثقافة مهيمنة وفي المقابل ، فإن الجمود عند الماضي وحده يجعلها عاجزة عن الإبداع والمنافسة ، إذن ما هو الحل ، فالحل اذن هو الوعي : وعي الأفراد بقيمة تراثهم و موروثهم ، ووعي المؤسسات بضرورة تحديث أدواتها ، ووعي الدولة بأهمية صياغة رؤية متوازنة تدمج الأصالة في مشروع النهضة.
وفي خاتم، إن الأصالة والحداثة جناحان لا غنى للأمة عنهما ؛ أحدهما يمنحها ثبات الهوية الوطنية ، والآخر يفتح لها فضاءات التقدّم |، والنجاح الحقيقي هو أن نحيا بهما معاً ، لا أن نُضحّي بأحدهما في سبيل الآخر ، فالتاريخ يعلّمنا أنّ الأمم التي أحسنت التوازن بين هذين البعدين استطاعت أن تبني حضارة مزدهرة ، قادرة على المنافسة والإلهام.
حمى الله الاردن من كل كريهة وسدد على طريق الخير خطى قيادته وشعبه.
في خضمّ عالم يتغيّر بسرعة مذهلة ، وتتصادم فيه التيارات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية ، يبقى السؤال الذي يتردّد في وجدان كل أمة وكل مثقف : كيف نوازن بين أصالتنا المتجذّرة وحداثتنا المنشودة ؟ و ليس الأمر مجرّد شعار يتردّد على الألسن ، بل هو مشروع وطني وفكري يحتاج إلى وعي عميق ورؤية بعيدة المدى.
والأصالة هي الجذور التي تمنح الشجرة ثباتها ، وهي القيم التي صاغت شخصية الفرد العربي عبر قرون : لغته ، دينه ، تراثه ، وأعرافه ، وهي ليست قيداً على الحركة ، بل أساساً لأي انطلاق نحو المستقبل ، أما الحداثة فهي الأفق الرحب الذي يفتح أمامنا إمكانات غير محدودة : في العلم ، والتقنية ، والتعليم ، والفكر ، إنها ليست قطيعة مع الماضي ، بل تطويرٌ مستمرّ للحاضر استعداداً للمستقبل.
ولعلّ ما قاله المفكّر المغربي محمد عابد الجابري يوجز الفكرة حين اعتبر أن التراث 'طاقة متجدّدة يمكن استثمارها في بناء الحاضر تكوين العقل العربي ، ينما أشار مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة إلى أنّ أي مشروع حضاري لا ينجح إلا إذا انبثق من بيئته الثقافية ووجد فيه الناس امتداداً لهويتهم.
وحينما ننظر إلى تجارب التنمية في العالم العربي ، نجد أن بعض الدول نجحت في صياغة معادلة دقيقة بين الأصالة والحداثة ، ففي دول الخليج مثلاً ، تُشيَّد ناطحات السحاب بأحدث تقنيات العمارة في العصر ، لكنها تتجاور مع الأسواق الشعبية والمجالس التقليدية التي تحافظ على روح المكان ، و المهرجانات الوطنية تحتفي بالتراث ، بينما الجامعات تستقطب أحدث البحوث وأرقى الخبرات ، هذه الثنائية ليست تناقضاً ، بل صورة من صور التوازن الذي تحتاجه كل أمة.
وحتى في الفنون والأدب ، يمكن رصد هذا التفاعل بين القديم والجديد : الشعر العربي الحديث ما زال يحمل موسيقى البحور القديمة ، لكنه يلبس ثوباً معاصراً يناقش قضايا الإنسان اليوم ، والسينما العربية تحاول أن تقدّم قصصاً محلية برؤية تقنية وإبداعية حديثة.
والتحدّي : هو الانفتاح بلا ذوبان او تمييع و الفقد ، ولعل الخطر الحقيقي لا يكمن في الانفتاح على الحداثة ، بل في الذوبان وفقدان الهوية ، فالأمة التي تتنكّر لجذورها تصبح بلا ملامح ، سهلة الانقياد لأي ثقافة مهيمنة وفي المقابل ، فإن الجمود عند الماضي وحده يجعلها عاجزة عن الإبداع والمنافسة ، إذن ما هو الحل ، فالحل اذن هو الوعي : وعي الأفراد بقيمة تراثهم و موروثهم ، ووعي المؤسسات بضرورة تحديث أدواتها ، ووعي الدولة بأهمية صياغة رؤية متوازنة تدمج الأصالة في مشروع النهضة.
وفي خاتم، إن الأصالة والحداثة جناحان لا غنى للأمة عنهما ؛ أحدهما يمنحها ثبات الهوية الوطنية ، والآخر يفتح لها فضاءات التقدّم |، والنجاح الحقيقي هو أن نحيا بهما معاً ، لا أن نُضحّي بأحدهما في سبيل الآخر ، فالتاريخ يعلّمنا أنّ الأمم التي أحسنت التوازن بين هذين البعدين استطاعت أن تبني حضارة مزدهرة ، قادرة على المنافسة والإلهام.
حمى الله الاردن من كل كريهة وسدد على طريق الخير خطى قيادته وشعبه.
التعليقات