في تطور أثار جدلاً دولياً واسعاً، رفضت الولايات المتحدة الأمريكية منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأشيرة دخول للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول القادم. هذا القرار، الذي بررته واشنطن بالمصلحة الوطنية، فتح نقاشاً قانونياً وسياسياً حول مدى توافقه مع قواعد القانون الدولي، والحلول المتاحة أمام الوفد الفلسطيني الذي لن يُسمح له بالمشاركة كعضو مراقب في أهم محفل دولي.
إن هذا القرار الأمريكي يتعارض مع اتفاقية مقر الأمم المتحدة التي وُقِّعت عام 1947 بين المنظمة وواشنطن بصفتها الدولة المضيفة، حيث تنص هذه الاتفاقية على أن تكون الولايات المتحدة ملزمة بتسهيل دخول جميع ممثلي الدول الأعضاء والمراقبين إلى المقر دون عوائق. كما تقضي المادة (105) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 على أن يتمتع المندوبون عن أعضاء المنظمة من الدول بالمزايا والإعفاءات التي تقتضيها استقلاليتهم في القيام بمهامهم، وهو ما يشمل حرية التنقل والوصول إلى الاجتماعات.
وقد استندت الولايات المتحدة في قرارها بمنع دخول الوفد الفلسطيني إلى قوانينها الداخلية التي تجيز رفض منح التأشيرات لأسباب تتعلق بالأمن والسلم الداخلي. غير أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 حسمت هذه المسألة بوضوح في المادة (27) منها، والتي تنص على أنه 'لا يجوز لأي طرف أن يحتج بقانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه لمعاهدة'.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الحلول القانونية والسياسية التي يمكن للوفد الفلسطيني اللجوء إليها في مواجهة القرار الأمريكي. فقد سبق أن رفضت واشنطن عام 1988 منح الرئيس الراحل ياسر عرفات تأشيرة دخول لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، وأُحيل الموضوع حينها إلى محكمة العدل الدولية التي أصدرت رأياً استشارياً أكدت فيه التزام الولايات المتحدة باتفاقية المقر، وعدم جواز استخدام قوانينها الداخلية ذريعة للمنع. كما أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم (42/210) الذي أدان السلوك الأمريكي في ذلك الوقت واعتبره خرقاً لالتزامات الدولة المضيفة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ حاولت الولايات المتحدة في أواخر الثمانينيات إغلاق بعثة منظمة التحرير في نيويورك استناداً إلى تشريعات داخلية، لكن المحاولة انتهت بتسوية سمحت للبعثة بالاستمرار، بعدما تبيّن أن التزامات واشنطن الدولية تسمو على قوانينها المحلية. وقد أصدرت لجنة العلاقات مع دولة المقر التابعة للجمعية العامة تقارير عديدة أكدت فيها على وجوب التزام الولايات المتحدة بتسهيل دخول جميع الوفود، واعتبار أي قيود على التأشيرات انتهاكاً لاتفاقية المقر.
أما الخيارات القانونية المتاحة أمام فلسطين باعتبارها دولة مراقب في الأمم المتحدة، فهي متعددة. أهمها اللجوء إلى الجمعية العامة لاستصدار قرار يؤكد حق فلسطين في المشاركة ويرفض القيود الأمريكية، استناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية. كما يمكن لفلسطين الدفع بأن القرار الأمريكي يُعد انتهاكاً للحق في التمثيل الدولي، وهو امتداد طبيعي لمبدأ المساواة بين الشعوب وحقها في تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة. فحرمان القيادة الفلسطينية من الحضور لا يعني إقصاء شخص الرئيس عباس فحسب، بل يعني عملياً حرمان الشعب الفلسطيني من التعبير عن قضيته أمام أعلى منصة دولية.
وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، يمكن لدولة فلسطين طلب مساعدة دول الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، للاعتراض على القرار الأمريكي. وقد يتسع نطاق الاحتجاج الأوروبي ليشمل اتخاذ موقف جماعي بإدانة القرار، والتلويح بمقاطعة اجتماعات الجمعية العامة اعتراضا على عدم السماح للوفد الفلسطيني بدخول الأراضي الأمريكية.
إن منع الرئيس الفلسطيني من حضور اجتماعات الأمم المتحدة يشكّل ضربة لمصداقية المنظمة الدولية نفسها، ويوجه رسالة خطيرة مفادها أن القانون الدولي يمكن تجاوزه متى ما اصطدم بمصالح القوى الكبرى. وإذا لم تتم معالجة هذا التجاوز قانونياً عبر آليات الأمم المتحدة، وسياسياً من خلال تضامن باقي الدول، فإن الخطر يكمن في ترسيخ سابقة خطيرة تُقوّض فكرة التعددية الدولية برمتها.
في تطور أثار جدلاً دولياً واسعاً، رفضت الولايات المتحدة الأمريكية منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأشيرة دخول للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول القادم. هذا القرار، الذي بررته واشنطن بالمصلحة الوطنية، فتح نقاشاً قانونياً وسياسياً حول مدى توافقه مع قواعد القانون الدولي، والحلول المتاحة أمام الوفد الفلسطيني الذي لن يُسمح له بالمشاركة كعضو مراقب في أهم محفل دولي.
إن هذا القرار الأمريكي يتعارض مع اتفاقية مقر الأمم المتحدة التي وُقِّعت عام 1947 بين المنظمة وواشنطن بصفتها الدولة المضيفة، حيث تنص هذه الاتفاقية على أن تكون الولايات المتحدة ملزمة بتسهيل دخول جميع ممثلي الدول الأعضاء والمراقبين إلى المقر دون عوائق. كما تقضي المادة (105) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 على أن يتمتع المندوبون عن أعضاء المنظمة من الدول بالمزايا والإعفاءات التي تقتضيها استقلاليتهم في القيام بمهامهم، وهو ما يشمل حرية التنقل والوصول إلى الاجتماعات.
وقد استندت الولايات المتحدة في قرارها بمنع دخول الوفد الفلسطيني إلى قوانينها الداخلية التي تجيز رفض منح التأشيرات لأسباب تتعلق بالأمن والسلم الداخلي. غير أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 حسمت هذه المسألة بوضوح في المادة (27) منها، والتي تنص على أنه 'لا يجوز لأي طرف أن يحتج بقانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه لمعاهدة'.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الحلول القانونية والسياسية التي يمكن للوفد الفلسطيني اللجوء إليها في مواجهة القرار الأمريكي. فقد سبق أن رفضت واشنطن عام 1988 منح الرئيس الراحل ياسر عرفات تأشيرة دخول لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، وأُحيل الموضوع حينها إلى محكمة العدل الدولية التي أصدرت رأياً استشارياً أكدت فيه التزام الولايات المتحدة باتفاقية المقر، وعدم جواز استخدام قوانينها الداخلية ذريعة للمنع. كما أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم (42/210) الذي أدان السلوك الأمريكي في ذلك الوقت واعتبره خرقاً لالتزامات الدولة المضيفة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ حاولت الولايات المتحدة في أواخر الثمانينيات إغلاق بعثة منظمة التحرير في نيويورك استناداً إلى تشريعات داخلية، لكن المحاولة انتهت بتسوية سمحت للبعثة بالاستمرار، بعدما تبيّن أن التزامات واشنطن الدولية تسمو على قوانينها المحلية. وقد أصدرت لجنة العلاقات مع دولة المقر التابعة للجمعية العامة تقارير عديدة أكدت فيها على وجوب التزام الولايات المتحدة بتسهيل دخول جميع الوفود، واعتبار أي قيود على التأشيرات انتهاكاً لاتفاقية المقر.
أما الخيارات القانونية المتاحة أمام فلسطين باعتبارها دولة مراقب في الأمم المتحدة، فهي متعددة. أهمها اللجوء إلى الجمعية العامة لاستصدار قرار يؤكد حق فلسطين في المشاركة ويرفض القيود الأمريكية، استناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية. كما يمكن لفلسطين الدفع بأن القرار الأمريكي يُعد انتهاكاً للحق في التمثيل الدولي، وهو امتداد طبيعي لمبدأ المساواة بين الشعوب وحقها في تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة. فحرمان القيادة الفلسطينية من الحضور لا يعني إقصاء شخص الرئيس عباس فحسب، بل يعني عملياً حرمان الشعب الفلسطيني من التعبير عن قضيته أمام أعلى منصة دولية.
وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، يمكن لدولة فلسطين طلب مساعدة دول الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، للاعتراض على القرار الأمريكي. وقد يتسع نطاق الاحتجاج الأوروبي ليشمل اتخاذ موقف جماعي بإدانة القرار، والتلويح بمقاطعة اجتماعات الجمعية العامة اعتراضا على عدم السماح للوفد الفلسطيني بدخول الأراضي الأمريكية.
إن منع الرئيس الفلسطيني من حضور اجتماعات الأمم المتحدة يشكّل ضربة لمصداقية المنظمة الدولية نفسها، ويوجه رسالة خطيرة مفادها أن القانون الدولي يمكن تجاوزه متى ما اصطدم بمصالح القوى الكبرى. وإذا لم تتم معالجة هذا التجاوز قانونياً عبر آليات الأمم المتحدة، وسياسياً من خلال تضامن باقي الدول، فإن الخطر يكمن في ترسيخ سابقة خطيرة تُقوّض فكرة التعددية الدولية برمتها.
في تطور أثار جدلاً دولياً واسعاً، رفضت الولايات المتحدة الأمريكية منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأشيرة دخول للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول القادم. هذا القرار، الذي بررته واشنطن بالمصلحة الوطنية، فتح نقاشاً قانونياً وسياسياً حول مدى توافقه مع قواعد القانون الدولي، والحلول المتاحة أمام الوفد الفلسطيني الذي لن يُسمح له بالمشاركة كعضو مراقب في أهم محفل دولي.
إن هذا القرار الأمريكي يتعارض مع اتفاقية مقر الأمم المتحدة التي وُقِّعت عام 1947 بين المنظمة وواشنطن بصفتها الدولة المضيفة، حيث تنص هذه الاتفاقية على أن تكون الولايات المتحدة ملزمة بتسهيل دخول جميع ممثلي الدول الأعضاء والمراقبين إلى المقر دون عوائق. كما تقضي المادة (105) من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 على أن يتمتع المندوبون عن أعضاء المنظمة من الدول بالمزايا والإعفاءات التي تقتضيها استقلاليتهم في القيام بمهامهم، وهو ما يشمل حرية التنقل والوصول إلى الاجتماعات.
وقد استندت الولايات المتحدة في قرارها بمنع دخول الوفد الفلسطيني إلى قوانينها الداخلية التي تجيز رفض منح التأشيرات لأسباب تتعلق بالأمن والسلم الداخلي. غير أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 حسمت هذه المسألة بوضوح في المادة (27) منها، والتي تنص على أنه 'لا يجوز لأي طرف أن يحتج بقانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه لمعاهدة'.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الحلول القانونية والسياسية التي يمكن للوفد الفلسطيني اللجوء إليها في مواجهة القرار الأمريكي. فقد سبق أن رفضت واشنطن عام 1988 منح الرئيس الراحل ياسر عرفات تأشيرة دخول لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، وأُحيل الموضوع حينها إلى محكمة العدل الدولية التي أصدرت رأياً استشارياً أكدت فيه التزام الولايات المتحدة باتفاقية المقر، وعدم جواز استخدام قوانينها الداخلية ذريعة للمنع. كما أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم (42/210) الذي أدان السلوك الأمريكي في ذلك الوقت واعتبره خرقاً لالتزامات الدولة المضيفة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ حاولت الولايات المتحدة في أواخر الثمانينيات إغلاق بعثة منظمة التحرير في نيويورك استناداً إلى تشريعات داخلية، لكن المحاولة انتهت بتسوية سمحت للبعثة بالاستمرار، بعدما تبيّن أن التزامات واشنطن الدولية تسمو على قوانينها المحلية. وقد أصدرت لجنة العلاقات مع دولة المقر التابعة للجمعية العامة تقارير عديدة أكدت فيها على وجوب التزام الولايات المتحدة بتسهيل دخول جميع الوفود، واعتبار أي قيود على التأشيرات انتهاكاً لاتفاقية المقر.
أما الخيارات القانونية المتاحة أمام فلسطين باعتبارها دولة مراقب في الأمم المتحدة، فهي متعددة. أهمها اللجوء إلى الجمعية العامة لاستصدار قرار يؤكد حق فلسطين في المشاركة ويرفض القيود الأمريكية، استناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية. كما يمكن لفلسطين الدفع بأن القرار الأمريكي يُعد انتهاكاً للحق في التمثيل الدولي، وهو امتداد طبيعي لمبدأ المساواة بين الشعوب وحقها في تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة. فحرمان القيادة الفلسطينية من الحضور لا يعني إقصاء شخص الرئيس عباس فحسب، بل يعني عملياً حرمان الشعب الفلسطيني من التعبير عن قضيته أمام أعلى منصة دولية.
وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، يمكن لدولة فلسطين طلب مساعدة دول الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، للاعتراض على القرار الأمريكي. وقد يتسع نطاق الاحتجاج الأوروبي ليشمل اتخاذ موقف جماعي بإدانة القرار، والتلويح بمقاطعة اجتماعات الجمعية العامة اعتراضا على عدم السماح للوفد الفلسطيني بدخول الأراضي الأمريكية.
إن منع الرئيس الفلسطيني من حضور اجتماعات الأمم المتحدة يشكّل ضربة لمصداقية المنظمة الدولية نفسها، ويوجه رسالة خطيرة مفادها أن القانون الدولي يمكن تجاوزه متى ما اصطدم بمصالح القوى الكبرى. وإذا لم تتم معالجة هذا التجاوز قانونياً عبر آليات الأمم المتحدة، وسياسياً من خلال تضامن باقي الدول، فإن الخطر يكمن في ترسيخ سابقة خطيرة تُقوّض فكرة التعددية الدولية برمتها.
التعليقات