في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن وبغداد عن انسحاب جزئي للقوات الأميركية من بعض القواعد العراقية، مثل عين الأسد ومطار بغداد، بدا واضحا أن الأمر يتجاوز البعد العسكري المباشر ليعكس حسابات سياسية واستراتيجية أعمق، فالخطوة قد لا تعني نهاية الوجود الأميركي بقدر ما يمكن ان تمثل إعادة تموضع مدروسة تنسجم مع توجه أميركي أوسع نحو تقليص الانخراط المباشر في بؤر التوتر مع الإبقاء على القدرة على التأثير.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن العراق لم يعد فقط ساحة لمحاربة تنظيم داعش، بل أصبح عقدة مركزية في الصراع مع إيران، وربما يهدف سحب القوات من بعض المواقع إلى تقليل الكلفة وتخفيف الاستهداف المتكرر من الفصائل المسلحة الموالية لطهران، مع الإبقاء على حضور مرن يتيح لواشنطن التدخل متى دعت الحاجة، هذه الاستراتيجية ربما تشير إلى أن واشنطن تريد وفق حساباتها نفوذا أقل تكلفة وأكثر استدامة، بدل الوجود العسكري المكلف الذي أثبت محدوديته على مدى العقدين الماضيين.
في المقابل، ترى إيران أن الانسحاب مكسب سياسي ورمزي يعزز خطاب «المقاومة»، لكن التحدي يكمن في أن تقليص الدور الأميركي قد يترك فراغا أمنيا يتيح لداعش أو جماعات أخرى استعادة نشاطها، وهو ما يضع إيران وحلفاءها في مواجهة مسؤولية أثقل أمام الرأي العام العراقي، وهنا قد يتحول ما تعتبره طهران انتصارا إلى عبء استراتيجي إذا انكشفت هشاشة الأمن الداخلي.
أما إسرائيل، فهي تراقب التطورات بقلق متزايد، فالعراق يعد بالنسبة لها جزءا من شبكة الردع الأميركية غير المباشرة ضد إيران، ومع تراجع هذا الوجود، من المحتمل ان تتسع مساحة المناورة أمام طهران وحلفائها، سواء عبر تهريب السلاح أو إطلاق الطائرات المسيّرة، الامر الذي يضع تل أبيب أمام معادلة أصعب تتمثل في مواجهة نفوذ متنام لإيران في ساحة أقل انضباطا، في وقت تتصاعد فيه المواجهة بين الطرفين في غزة ولبنان.
إستراتيجيا، يمكن قراءة الانسحاب الأميركي كجزء من سياسة «خفض البصمة العسكرية وزيادة النفوذ السياسي»، والذي ينطلق من فكرة أن واشنطن لم تعد تسعى للسيطرة الميدانية بقدر ما تسعى لإدارة التوازنات، وضبط حدود النفوذ الإيراني، وضمان ألا يتحول العراق إلى قاعدة انطلاق تهدد مصالحها وحلفاءها في المنطقة.
الخلاصة؛ أن الانسحاب الأميركي من بعض القواعد في العراق قد لا يكون بالضرورة مؤشرا على تراجع النفوذ الأميركي، بل ربما على تحوّل في أدواته، وفي ذات الوقت قد يبقى العراق ساحة تجاذب ثلاثي بين واشنطن وطهران وتل أبيب، لكن السؤال الجوهري الذي يبقى معلقا؛ هل يستطيع هذا التوازن الجديد أن يحمي العراق من الانزلاق مجددا إلى فراغ أمني، أم أنه مجرد محطة على طريق صراع أوسع يعاد رسمه في قلب الشرق الأوسط؟.
في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن وبغداد عن انسحاب جزئي للقوات الأميركية من بعض القواعد العراقية، مثل عين الأسد ومطار بغداد، بدا واضحا أن الأمر يتجاوز البعد العسكري المباشر ليعكس حسابات سياسية واستراتيجية أعمق، فالخطوة قد لا تعني نهاية الوجود الأميركي بقدر ما يمكن ان تمثل إعادة تموضع مدروسة تنسجم مع توجه أميركي أوسع نحو تقليص الانخراط المباشر في بؤر التوتر مع الإبقاء على القدرة على التأثير.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن العراق لم يعد فقط ساحة لمحاربة تنظيم داعش، بل أصبح عقدة مركزية في الصراع مع إيران، وربما يهدف سحب القوات من بعض المواقع إلى تقليل الكلفة وتخفيف الاستهداف المتكرر من الفصائل المسلحة الموالية لطهران، مع الإبقاء على حضور مرن يتيح لواشنطن التدخل متى دعت الحاجة، هذه الاستراتيجية ربما تشير إلى أن واشنطن تريد وفق حساباتها نفوذا أقل تكلفة وأكثر استدامة، بدل الوجود العسكري المكلف الذي أثبت محدوديته على مدى العقدين الماضيين.
في المقابل، ترى إيران أن الانسحاب مكسب سياسي ورمزي يعزز خطاب «المقاومة»، لكن التحدي يكمن في أن تقليص الدور الأميركي قد يترك فراغا أمنيا يتيح لداعش أو جماعات أخرى استعادة نشاطها، وهو ما يضع إيران وحلفاءها في مواجهة مسؤولية أثقل أمام الرأي العام العراقي، وهنا قد يتحول ما تعتبره طهران انتصارا إلى عبء استراتيجي إذا انكشفت هشاشة الأمن الداخلي.
أما إسرائيل، فهي تراقب التطورات بقلق متزايد، فالعراق يعد بالنسبة لها جزءا من شبكة الردع الأميركية غير المباشرة ضد إيران، ومع تراجع هذا الوجود، من المحتمل ان تتسع مساحة المناورة أمام طهران وحلفائها، سواء عبر تهريب السلاح أو إطلاق الطائرات المسيّرة، الامر الذي يضع تل أبيب أمام معادلة أصعب تتمثل في مواجهة نفوذ متنام لإيران في ساحة أقل انضباطا، في وقت تتصاعد فيه المواجهة بين الطرفين في غزة ولبنان.
إستراتيجيا، يمكن قراءة الانسحاب الأميركي كجزء من سياسة «خفض البصمة العسكرية وزيادة النفوذ السياسي»، والذي ينطلق من فكرة أن واشنطن لم تعد تسعى للسيطرة الميدانية بقدر ما تسعى لإدارة التوازنات، وضبط حدود النفوذ الإيراني، وضمان ألا يتحول العراق إلى قاعدة انطلاق تهدد مصالحها وحلفاءها في المنطقة.
الخلاصة؛ أن الانسحاب الأميركي من بعض القواعد في العراق قد لا يكون بالضرورة مؤشرا على تراجع النفوذ الأميركي، بل ربما على تحوّل في أدواته، وفي ذات الوقت قد يبقى العراق ساحة تجاذب ثلاثي بين واشنطن وطهران وتل أبيب، لكن السؤال الجوهري الذي يبقى معلقا؛ هل يستطيع هذا التوازن الجديد أن يحمي العراق من الانزلاق مجددا إلى فراغ أمني، أم أنه مجرد محطة على طريق صراع أوسع يعاد رسمه في قلب الشرق الأوسط؟.
في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن وبغداد عن انسحاب جزئي للقوات الأميركية من بعض القواعد العراقية، مثل عين الأسد ومطار بغداد، بدا واضحا أن الأمر يتجاوز البعد العسكري المباشر ليعكس حسابات سياسية واستراتيجية أعمق، فالخطوة قد لا تعني نهاية الوجود الأميركي بقدر ما يمكن ان تمثل إعادة تموضع مدروسة تنسجم مع توجه أميركي أوسع نحو تقليص الانخراط المباشر في بؤر التوتر مع الإبقاء على القدرة على التأثير.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن العراق لم يعد فقط ساحة لمحاربة تنظيم داعش، بل أصبح عقدة مركزية في الصراع مع إيران، وربما يهدف سحب القوات من بعض المواقع إلى تقليل الكلفة وتخفيف الاستهداف المتكرر من الفصائل المسلحة الموالية لطهران، مع الإبقاء على حضور مرن يتيح لواشنطن التدخل متى دعت الحاجة، هذه الاستراتيجية ربما تشير إلى أن واشنطن تريد وفق حساباتها نفوذا أقل تكلفة وأكثر استدامة، بدل الوجود العسكري المكلف الذي أثبت محدوديته على مدى العقدين الماضيين.
في المقابل، ترى إيران أن الانسحاب مكسب سياسي ورمزي يعزز خطاب «المقاومة»، لكن التحدي يكمن في أن تقليص الدور الأميركي قد يترك فراغا أمنيا يتيح لداعش أو جماعات أخرى استعادة نشاطها، وهو ما يضع إيران وحلفاءها في مواجهة مسؤولية أثقل أمام الرأي العام العراقي، وهنا قد يتحول ما تعتبره طهران انتصارا إلى عبء استراتيجي إذا انكشفت هشاشة الأمن الداخلي.
أما إسرائيل، فهي تراقب التطورات بقلق متزايد، فالعراق يعد بالنسبة لها جزءا من شبكة الردع الأميركية غير المباشرة ضد إيران، ومع تراجع هذا الوجود، من المحتمل ان تتسع مساحة المناورة أمام طهران وحلفائها، سواء عبر تهريب السلاح أو إطلاق الطائرات المسيّرة، الامر الذي يضع تل أبيب أمام معادلة أصعب تتمثل في مواجهة نفوذ متنام لإيران في ساحة أقل انضباطا، في وقت تتصاعد فيه المواجهة بين الطرفين في غزة ولبنان.
إستراتيجيا، يمكن قراءة الانسحاب الأميركي كجزء من سياسة «خفض البصمة العسكرية وزيادة النفوذ السياسي»، والذي ينطلق من فكرة أن واشنطن لم تعد تسعى للسيطرة الميدانية بقدر ما تسعى لإدارة التوازنات، وضبط حدود النفوذ الإيراني، وضمان ألا يتحول العراق إلى قاعدة انطلاق تهدد مصالحها وحلفاءها في المنطقة.
الخلاصة؛ أن الانسحاب الأميركي من بعض القواعد في العراق قد لا يكون بالضرورة مؤشرا على تراجع النفوذ الأميركي، بل ربما على تحوّل في أدواته، وفي ذات الوقت قد يبقى العراق ساحة تجاذب ثلاثي بين واشنطن وطهران وتل أبيب، لكن السؤال الجوهري الذي يبقى معلقا؛ هل يستطيع هذا التوازن الجديد أن يحمي العراق من الانزلاق مجددا إلى فراغ أمني، أم أنه مجرد محطة على طريق صراع أوسع يعاد رسمه في قلب الشرق الأوسط؟.
التعليقات
الانسحاب الأميركي من العراق: خطوة تكتيكية أم إعادة رسم للتوازنات؟
التعليقات