شهد كوكبنا تحولاً مناخياً جذرياً منذ عقد السبعينيات من القرن العشرين، حيث رسمت درجات الحرارة العالمية خطوطا بيانية لمسارات صاعدة بعنفوان لا لبس فيه. لقد تجاوز ارتفاع معدل درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر، مع تسارع ملحوظ في العقود الأخيرة.
هذا الارتفاع ليس مجرد رقم إحصائي، بل هو واقع ملموس يظهر بقوة في موجات الحر المتكررة حول العالم, بما في ذلك الاردن ومنطقة الشرق الاوسط التي ربما تكون الأشد تضررا من التغير المناخي. وفي حين تُعتبر بريطانيا، بمناخها الجزري البحري المعتدل، مثالاً صارخاً على هذا التحول، فأغلب نشرات الأخبار التي سمعتها خلال زيارتي لها حول نهايات شهر حزيران 2025 كان حول ارتفاع درجة الحرارة غير المسبوق.
وقد شهدت المملكة المتحدة في الماضي ارتفاعاً ملحوظا في متوسط درجات الحرارة خلال صيف 1976 عندما كنت أدرس هناك، وما زال الحدث محفوراً في الذاكرة، حيث منعوا الناس من ري النجيل في الحدائق تحت طائلة العقوبة. وأتعجب أحيانا لماذا لا يُطبِق ذلك القانون في الأردن ونحن في حالة شح مائي أسوأ منهم بكثير؟
وفي عام 2003 شهدت أوروبا موجة حر، تأثرت بها بريطانيا أيضاً. والسنتان 2018 و2019 سجلتا درجات حرارة قياسية متتالية. وفي تموز 2022 سُجلت درجة حرارة غير مسبوقة بلغت 40.3 مئوية في كونينغسبي، محطمة الرقم القياسي السابق, فيما سُجلت درجات حرارة قريبة من 35 درجة مؤخرا. وبينما قد تبدو هذه الدرجة اعتيادية في مناطق أخرى، كبلادنا، إلا أنها في السياق البريطاني تعتبر مرتفعة جداً وتتسبب في اضطراب كبير في الحياة اليومية والبنية التحتية، ويُعد هذا تذكيرا صارخا بأن 'الاعتدال' البريطاني لم يَعد كما كان.
وفي إسبانيا، وهي بوتقة حارة في قلب أوروبا، إذ تقع إسبانيا عند الخط الأمامي لتأثير تغير المناخ في أوروبا، حيث تزداد وتيرة موجات الحر وشدتها، ويتسارع الاحترار، حيث ترتفع درجات الحرارة في إسبانيا بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، فقد سجلت أجزاء من جنوبي ووسط إسبانيا درجات حرارة مروعة بلغت 46 درجة مئوية مؤخرا. هذه الدرجة لا تمثل فقط طقساً حاراً، بل هي خطر صحي مباشر على الإنتاج الزراعي والسكان، خاصة كبار السن والأطفال، وأولئك الذين يعملون في العراء، فضلا عن أنها تشكل ضغطاً هائلاً على أنظمة الطاقة والمياه والخدمات الصحية.
ان الصورة الأكبر لهذه المشاهد في بريطانيا وإسبانيا ليست معزولة، بل هي فصول في قصة عالمية، منها:
1. انبعاثات غازات الدفيئة: يظل حرق الوقود الأحفوري (فحم، نفط، غاز) هو المحرك الرئيس، حيث تحبس الغازات المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي.
2. تغير أنماط الطقس: يؤدي الاحترار إلى تعطيل الدورة الطبيعية للغلاف الجوي والمحيطات، مما يجعل موجات الحر أكثر احتمالاً واستمرارية وشدة.
3. تأثير الجزر الحرارية الحضرية: تزيد المدن الكبرى (مثل لندن ومدريد) من حدة الحرارة المحلية بسبب امتصاص الأسطح المبنية والشوارع المعبدة والممرات المبلطة للحرارة وإطلاقها في الأجواء ليلاً.
4. أنماط الزراعة غير المستدامة وقطع الأشجار وتربية الماشية والصناعة وما إلى ذلك، كلها نشاطات تزيد من انتشار غازات الدفيئة.
الخلاصة هي أن المستقبل يتطلب استعداداً وتخفيفاً لوطأة الارتفاع الحراري الذي بدأ جلياً منذ سبعينيات القرن الماضي ولمّا يتوقف، بل تصاعد. مشهد الـ 35 درجة في بريطانيا والـ 46 درجة في إسبانيا في آخر يوم من حزيران 2025 هو جرس إنذار صاخب. إنه يؤكد أن تغير المناخ ليس تهديداً مستقبلياً بعيداً، بل هو واقع يعيشه الناس الآن، مع عواقب صحية واقتصادية وبيئية وخيمة.
إن مواجهة هذا التحدي تتطلب عملاً عاجلاً على مسارين متوازيين:
1. التخفيف من الاضرار: خفض انبعاثات غازات الدفيئة بشكل جذري وسريع للحد من الاحترار المستقبلي.
2. التكيف مع تغير المناخ: تعزيز مرونة المجتمعات والبنى التحتية لمواجهة حتمية المزيد من موجات الحر الشديدة وغيرها من الظواهر المتطرفة في المستقبل.
لقد رسمت السنوات الفائتة منذ السبعينيات منحنى حرارة تصاعدي، والبيانات الحالية من بريطانيا وإسبانيا وأماكن عديدة حول العالم هي نقاط واضحة على هذا المنحنى. السؤال الآن هو ما إذا كنا سوف نتمكن من تسطيح هذا المنحنى قبل أن يصل بنا إلى نقاط حرارة لا تحتمل، أو إلى درجة اللاعودة، أي الدرجة التي سوف يؤدي بلوغها الى عدم إمكانية تصحيح الوضع القائم مهما فعلنا ومهما أنفقنا، وبالتالي لن نستطيع السيطرة على التوازن الاجتماعي والاقتصادي الذي حققناه عبر تاريخ طويل من المعاناة!.
شهد كوكبنا تحولاً مناخياً جذرياً منذ عقد السبعينيات من القرن العشرين، حيث رسمت درجات الحرارة العالمية خطوطا بيانية لمسارات صاعدة بعنفوان لا لبس فيه. لقد تجاوز ارتفاع معدل درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر، مع تسارع ملحوظ في العقود الأخيرة.
هذا الارتفاع ليس مجرد رقم إحصائي، بل هو واقع ملموس يظهر بقوة في موجات الحر المتكررة حول العالم, بما في ذلك الاردن ومنطقة الشرق الاوسط التي ربما تكون الأشد تضررا من التغير المناخي. وفي حين تُعتبر بريطانيا، بمناخها الجزري البحري المعتدل، مثالاً صارخاً على هذا التحول، فأغلب نشرات الأخبار التي سمعتها خلال زيارتي لها حول نهايات شهر حزيران 2025 كان حول ارتفاع درجة الحرارة غير المسبوق.
وقد شهدت المملكة المتحدة في الماضي ارتفاعاً ملحوظا في متوسط درجات الحرارة خلال صيف 1976 عندما كنت أدرس هناك، وما زال الحدث محفوراً في الذاكرة، حيث منعوا الناس من ري النجيل في الحدائق تحت طائلة العقوبة. وأتعجب أحيانا لماذا لا يُطبِق ذلك القانون في الأردن ونحن في حالة شح مائي أسوأ منهم بكثير؟
وفي عام 2003 شهدت أوروبا موجة حر، تأثرت بها بريطانيا أيضاً. والسنتان 2018 و2019 سجلتا درجات حرارة قياسية متتالية. وفي تموز 2022 سُجلت درجة حرارة غير مسبوقة بلغت 40.3 مئوية في كونينغسبي، محطمة الرقم القياسي السابق, فيما سُجلت درجات حرارة قريبة من 35 درجة مؤخرا. وبينما قد تبدو هذه الدرجة اعتيادية في مناطق أخرى، كبلادنا، إلا أنها في السياق البريطاني تعتبر مرتفعة جداً وتتسبب في اضطراب كبير في الحياة اليومية والبنية التحتية، ويُعد هذا تذكيرا صارخا بأن 'الاعتدال' البريطاني لم يَعد كما كان.
وفي إسبانيا، وهي بوتقة حارة في قلب أوروبا، إذ تقع إسبانيا عند الخط الأمامي لتأثير تغير المناخ في أوروبا، حيث تزداد وتيرة موجات الحر وشدتها، ويتسارع الاحترار، حيث ترتفع درجات الحرارة في إسبانيا بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، فقد سجلت أجزاء من جنوبي ووسط إسبانيا درجات حرارة مروعة بلغت 46 درجة مئوية مؤخرا. هذه الدرجة لا تمثل فقط طقساً حاراً، بل هي خطر صحي مباشر على الإنتاج الزراعي والسكان، خاصة كبار السن والأطفال، وأولئك الذين يعملون في العراء، فضلا عن أنها تشكل ضغطاً هائلاً على أنظمة الطاقة والمياه والخدمات الصحية.
ان الصورة الأكبر لهذه المشاهد في بريطانيا وإسبانيا ليست معزولة، بل هي فصول في قصة عالمية، منها:
1. انبعاثات غازات الدفيئة: يظل حرق الوقود الأحفوري (فحم، نفط، غاز) هو المحرك الرئيس، حيث تحبس الغازات المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي.
2. تغير أنماط الطقس: يؤدي الاحترار إلى تعطيل الدورة الطبيعية للغلاف الجوي والمحيطات، مما يجعل موجات الحر أكثر احتمالاً واستمرارية وشدة.
3. تأثير الجزر الحرارية الحضرية: تزيد المدن الكبرى (مثل لندن ومدريد) من حدة الحرارة المحلية بسبب امتصاص الأسطح المبنية والشوارع المعبدة والممرات المبلطة للحرارة وإطلاقها في الأجواء ليلاً.
4. أنماط الزراعة غير المستدامة وقطع الأشجار وتربية الماشية والصناعة وما إلى ذلك، كلها نشاطات تزيد من انتشار غازات الدفيئة.
الخلاصة هي أن المستقبل يتطلب استعداداً وتخفيفاً لوطأة الارتفاع الحراري الذي بدأ جلياً منذ سبعينيات القرن الماضي ولمّا يتوقف، بل تصاعد. مشهد الـ 35 درجة في بريطانيا والـ 46 درجة في إسبانيا في آخر يوم من حزيران 2025 هو جرس إنذار صاخب. إنه يؤكد أن تغير المناخ ليس تهديداً مستقبلياً بعيداً، بل هو واقع يعيشه الناس الآن، مع عواقب صحية واقتصادية وبيئية وخيمة.
إن مواجهة هذا التحدي تتطلب عملاً عاجلاً على مسارين متوازيين:
1. التخفيف من الاضرار: خفض انبعاثات غازات الدفيئة بشكل جذري وسريع للحد من الاحترار المستقبلي.
2. التكيف مع تغير المناخ: تعزيز مرونة المجتمعات والبنى التحتية لمواجهة حتمية المزيد من موجات الحر الشديدة وغيرها من الظواهر المتطرفة في المستقبل.
لقد رسمت السنوات الفائتة منذ السبعينيات منحنى حرارة تصاعدي، والبيانات الحالية من بريطانيا وإسبانيا وأماكن عديدة حول العالم هي نقاط واضحة على هذا المنحنى. السؤال الآن هو ما إذا كنا سوف نتمكن من تسطيح هذا المنحنى قبل أن يصل بنا إلى نقاط حرارة لا تحتمل، أو إلى درجة اللاعودة، أي الدرجة التي سوف يؤدي بلوغها الى عدم إمكانية تصحيح الوضع القائم مهما فعلنا ومهما أنفقنا، وبالتالي لن نستطيع السيطرة على التوازن الاجتماعي والاقتصادي الذي حققناه عبر تاريخ طويل من المعاناة!.
شهد كوكبنا تحولاً مناخياً جذرياً منذ عقد السبعينيات من القرن العشرين، حيث رسمت درجات الحرارة العالمية خطوطا بيانية لمسارات صاعدة بعنفوان لا لبس فيه. لقد تجاوز ارتفاع معدل درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر، مع تسارع ملحوظ في العقود الأخيرة.
هذا الارتفاع ليس مجرد رقم إحصائي، بل هو واقع ملموس يظهر بقوة في موجات الحر المتكررة حول العالم, بما في ذلك الاردن ومنطقة الشرق الاوسط التي ربما تكون الأشد تضررا من التغير المناخي. وفي حين تُعتبر بريطانيا، بمناخها الجزري البحري المعتدل، مثالاً صارخاً على هذا التحول، فأغلب نشرات الأخبار التي سمعتها خلال زيارتي لها حول نهايات شهر حزيران 2025 كان حول ارتفاع درجة الحرارة غير المسبوق.
وقد شهدت المملكة المتحدة في الماضي ارتفاعاً ملحوظا في متوسط درجات الحرارة خلال صيف 1976 عندما كنت أدرس هناك، وما زال الحدث محفوراً في الذاكرة، حيث منعوا الناس من ري النجيل في الحدائق تحت طائلة العقوبة. وأتعجب أحيانا لماذا لا يُطبِق ذلك القانون في الأردن ونحن في حالة شح مائي أسوأ منهم بكثير؟
وفي عام 2003 شهدت أوروبا موجة حر، تأثرت بها بريطانيا أيضاً. والسنتان 2018 و2019 سجلتا درجات حرارة قياسية متتالية. وفي تموز 2022 سُجلت درجة حرارة غير مسبوقة بلغت 40.3 مئوية في كونينغسبي، محطمة الرقم القياسي السابق, فيما سُجلت درجات حرارة قريبة من 35 درجة مؤخرا. وبينما قد تبدو هذه الدرجة اعتيادية في مناطق أخرى، كبلادنا، إلا أنها في السياق البريطاني تعتبر مرتفعة جداً وتتسبب في اضطراب كبير في الحياة اليومية والبنية التحتية، ويُعد هذا تذكيرا صارخا بأن 'الاعتدال' البريطاني لم يَعد كما كان.
وفي إسبانيا، وهي بوتقة حارة في قلب أوروبا، إذ تقع إسبانيا عند الخط الأمامي لتأثير تغير المناخ في أوروبا، حيث تزداد وتيرة موجات الحر وشدتها، ويتسارع الاحترار، حيث ترتفع درجات الحرارة في إسبانيا بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، فقد سجلت أجزاء من جنوبي ووسط إسبانيا درجات حرارة مروعة بلغت 46 درجة مئوية مؤخرا. هذه الدرجة لا تمثل فقط طقساً حاراً، بل هي خطر صحي مباشر على الإنتاج الزراعي والسكان، خاصة كبار السن والأطفال، وأولئك الذين يعملون في العراء، فضلا عن أنها تشكل ضغطاً هائلاً على أنظمة الطاقة والمياه والخدمات الصحية.
ان الصورة الأكبر لهذه المشاهد في بريطانيا وإسبانيا ليست معزولة، بل هي فصول في قصة عالمية، منها:
1. انبعاثات غازات الدفيئة: يظل حرق الوقود الأحفوري (فحم، نفط، غاز) هو المحرك الرئيس، حيث تحبس الغازات المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي.
2. تغير أنماط الطقس: يؤدي الاحترار إلى تعطيل الدورة الطبيعية للغلاف الجوي والمحيطات، مما يجعل موجات الحر أكثر احتمالاً واستمرارية وشدة.
3. تأثير الجزر الحرارية الحضرية: تزيد المدن الكبرى (مثل لندن ومدريد) من حدة الحرارة المحلية بسبب امتصاص الأسطح المبنية والشوارع المعبدة والممرات المبلطة للحرارة وإطلاقها في الأجواء ليلاً.
4. أنماط الزراعة غير المستدامة وقطع الأشجار وتربية الماشية والصناعة وما إلى ذلك، كلها نشاطات تزيد من انتشار غازات الدفيئة.
الخلاصة هي أن المستقبل يتطلب استعداداً وتخفيفاً لوطأة الارتفاع الحراري الذي بدأ جلياً منذ سبعينيات القرن الماضي ولمّا يتوقف، بل تصاعد. مشهد الـ 35 درجة في بريطانيا والـ 46 درجة في إسبانيا في آخر يوم من حزيران 2025 هو جرس إنذار صاخب. إنه يؤكد أن تغير المناخ ليس تهديداً مستقبلياً بعيداً، بل هو واقع يعيشه الناس الآن، مع عواقب صحية واقتصادية وبيئية وخيمة.
إن مواجهة هذا التحدي تتطلب عملاً عاجلاً على مسارين متوازيين:
1. التخفيف من الاضرار: خفض انبعاثات غازات الدفيئة بشكل جذري وسريع للحد من الاحترار المستقبلي.
2. التكيف مع تغير المناخ: تعزيز مرونة المجتمعات والبنى التحتية لمواجهة حتمية المزيد من موجات الحر الشديدة وغيرها من الظواهر المتطرفة في المستقبل.
لقد رسمت السنوات الفائتة منذ السبعينيات منحنى حرارة تصاعدي، والبيانات الحالية من بريطانيا وإسبانيا وأماكن عديدة حول العالم هي نقاط واضحة على هذا المنحنى. السؤال الآن هو ما إذا كنا سوف نتمكن من تسطيح هذا المنحنى قبل أن يصل بنا إلى نقاط حرارة لا تحتمل، أو إلى درجة اللاعودة، أي الدرجة التي سوف يؤدي بلوغها الى عدم إمكانية تصحيح الوضع القائم مهما فعلنا ومهما أنفقنا، وبالتالي لن نستطيع السيطرة على التوازن الاجتماعي والاقتصادي الذي حققناه عبر تاريخ طويل من المعاناة!.
التعليقات