في ظل تصاعد التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، جاءت تصريحات وزير خارجية الاحتلال «جدعون ساعر» يوم امس، والتي هدد فيها باتخاذ «إجراءات أحادية» ردًا على أي اعتراف بدولة فلسطينية، لتعكس تحولا جوهريا في المواقف الإسرائيلية والدولية تجاه القضية الفلسطينية، حيث تُظهر هذه التصريحات تداخلًا معقدًا بين الأبعاد «القانونية الدولية» و«الاستراتيجيات السياسية»، مما يستدعي تحليلًا معمقًا للسياقات والدلالات.
تصريحات ساعر جاءت ردًا مباشرًا على إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون في نيسان 2025 عن نية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحلول حزيران المقبل، كجزء من مؤتمر دولي تُنظمه باريس بالشراكة مع دول عربية في نيويورك، هذا التحرك الفرنسي امتداد لما قامت به دول اوروبية اخرى من قبل، ففي 2024، اعترفت دول مثل إيرلندا والنروج وإسبانيا بالدولة الفلسطينية، مما يعكس تحولا مهما في الموقف الأوروبي الذي طالما تردد في دعم الاعتراف الكامل دون تسوية تفاوضية.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تتصاعد بالمقابل المواجهة بين إسرائيل والمجتمع الدولي الذي اعترف منه حتى الان 149 دولة بالدولة الفلسطينية، حيث تُصر تل أبيب على رفض أي خطوة تدعم الشرعية الفلسطينية، سواء عبر الأمم المتحدة أو من خلال اعترافات فردية لدول كبرى، هذا الرفض يعكس استراتيجية إسرائيلية عميقة الجذور تهدف إلى إبقاء القضية الفلسطينية رهينة المفاوضات الثنائية، وتكريس الهيمنة الإسرائيلية من خلال تغيير الحقائق على الأرض.
لقد ذهبت حكومة الاحتلال إلاسرائيلي بعيدا في تعنتها واستهتارها بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حين قال وزير خارجيتها أن أي اعتراف أحادي يعد مكافأة لما وصفه بـ «الإرهاب الفلسطيني»، وأن مثل هذه الخطوات تُعيق «الحل الثنائي» - الذي لا تعترف به اسرائيل أصلاً - و«تُهدد أمن إسرائيل»، هذا الموقف يتوافق مع تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الذي وصف إقامة دولة فلسطينية بأنها «تهديد وجودي».
لم تُحدد الحكومة المتطرفة في إسرائيل طبيعة «الإجراءات الأحادية» التي تلوح بها، لكن يُرجح أن تشمل توسيع المستوطنات وهو إجراء ينتهك القانون الدولي، خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل السكان المحتلين إلى الأراضي المحتلة، اضافة الى ضم أجزاء من الضفة الغربية كما حدث سابقًا في خطط ضم غور الأردن، مما يقوض فرص قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا مستقبلا، او القيام بتصعيد عسكري كرد على أي تحرك دبلوماسي فلسطيني، كما حدث في الحرب على غزة منذ تشرين الأول 2023.
من الناحية القانونية، تهديد إسرائيل باتخاذ «إجراءات أحادية» لا يشكل فقط انتهاكا للقانون الدولي، بل يُعزز أيضا تصورا عالميا بأن إسرائيل تسعى لتكريس نظام فصل عنصري (أبارتهايد)، خاصة وان هذه الإجراءات انتهاك صريح للقرارات الأممية، مثل قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016)، الذي يدين الاستيطان، وقرارات محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الجدار الفاصل غير قانوني، لكن إسرائيل، بدعم أمريكي، تتجاهل هذه المرجعيات، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لفعالية آليات إنفاذ القانون الدولي.
في السياق التاريخي منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، بُني الأمل على أن تؤدي المفاوضات الثنائية إلى إقامة دولة فلسطينية، لكن دولة الاحتلال، وخاصة في ظل حكومات بنيامين نتنياهو، حوّلت هذه العملية إلى أداة لشرعنة التوسع الاستيطاني وفرض تغيير الوقائع على الأرض، اضافة الى تنامي المد المتطرف داخل دولة الاحتلال الذي ظهر بوضوح من خلال التصويت الأخير للكنيست الذي عكس إجماعا سياسيا غير مسبوق بين الأحزاب الإسرائيلية، من اليمين المتطرف إلى ما يُسمى «معسكر الدولة» بزعامة بيني غانتس والذي جاء بأغلبية 99 صوتا ضد أي اعتراف بدولة فلسطينية. هذا القرار جاء تتويجًا لسياسة إسرائيلية متواصلة ترفض فكرة الدولتين، وتُعلي من شأن الأمن الإسرائيلي ويهودية الدولة التي تعد فوق أي اعتبارات او قوانين او اتفاقيات او تشريعات دولية وكل ذلك على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
يرتكز الرفض الإسرائيلي على تجاهل صارخ وتمرد بين على القانون الدولي، الذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فإسرائيل، كقوة محتلة، تنتهك بشكل منهجي اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49) عبر التوسع الاستيطاني، وضم القدس الشرقية، وبناء الجدار الفاصل، كما أن قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 2334 (2016)، التي تدين الاستيطان، تُعتبر حبرا على ورق في ظل الدعم الأمريكي الذي يحمي إسرائيل من المحاسبة.
ومع استمرار إسرائيل في رفض حل الدولتين، يبرز سيناريو «الدولة الواحدة»، الذي قد يُجبر المجتمع الدولي على الاختيار بين ديمقراطية تضم جميع السكان أو نظام أبارتهايد، لكن إسرائيل ترفض هذا الخيار، خوفًا من افشال مخططاتها الرامية الى فرض الهوية اليهودية للدولة حتى على الاراضي الفلسطينية المحتلة.
رفض إسرائيل للاعتراف بالدولة الفلسطينية يُغذي أيضًا المقاومة الفلسطينية، فبعد الحرب على غزة 2023، التي أسفرت عن استشهاد حوالي 53 ألف فلسطيني، باتت الدعوات إلى المقاومة المسلحة تتصاعد، خاصة في الضفة الغربية، حيث تُواجه إسرائيل احتمالات متنامية لاندلاع انتفاضة شعبية جديدة، كما يعد هذا الرفض تحدياًٍ للشرعية الدولية، واختباراً لإرادة المجتمع العالمي في إنفاذ القانون وحقوق الإنسان، صحيح ان الدعم الدولي للشرعية الفلسطينية يزداد، لكن دون آلية تنفيذ فعّالة، بيد ان المستقبل سيتحدد بمدى قدرة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم، وكذلك قدرة المجتمع الدولي على تحويل الخطابات إلى أفعال، قبل أن تُدفن فكرة الدولة الفلسطينية تحت ركام الاستيطان والارهاب المتصاعد الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
في ظل تصاعد التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، جاءت تصريحات وزير خارجية الاحتلال «جدعون ساعر» يوم امس، والتي هدد فيها باتخاذ «إجراءات أحادية» ردًا على أي اعتراف بدولة فلسطينية، لتعكس تحولا جوهريا في المواقف الإسرائيلية والدولية تجاه القضية الفلسطينية، حيث تُظهر هذه التصريحات تداخلًا معقدًا بين الأبعاد «القانونية الدولية» و«الاستراتيجيات السياسية»، مما يستدعي تحليلًا معمقًا للسياقات والدلالات.
تصريحات ساعر جاءت ردًا مباشرًا على إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون في نيسان 2025 عن نية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحلول حزيران المقبل، كجزء من مؤتمر دولي تُنظمه باريس بالشراكة مع دول عربية في نيويورك، هذا التحرك الفرنسي امتداد لما قامت به دول اوروبية اخرى من قبل، ففي 2024، اعترفت دول مثل إيرلندا والنروج وإسبانيا بالدولة الفلسطينية، مما يعكس تحولا مهما في الموقف الأوروبي الذي طالما تردد في دعم الاعتراف الكامل دون تسوية تفاوضية.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تتصاعد بالمقابل المواجهة بين إسرائيل والمجتمع الدولي الذي اعترف منه حتى الان 149 دولة بالدولة الفلسطينية، حيث تُصر تل أبيب على رفض أي خطوة تدعم الشرعية الفلسطينية، سواء عبر الأمم المتحدة أو من خلال اعترافات فردية لدول كبرى، هذا الرفض يعكس استراتيجية إسرائيلية عميقة الجذور تهدف إلى إبقاء القضية الفلسطينية رهينة المفاوضات الثنائية، وتكريس الهيمنة الإسرائيلية من خلال تغيير الحقائق على الأرض.
لقد ذهبت حكومة الاحتلال إلاسرائيلي بعيدا في تعنتها واستهتارها بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حين قال وزير خارجيتها أن أي اعتراف أحادي يعد مكافأة لما وصفه بـ «الإرهاب الفلسطيني»، وأن مثل هذه الخطوات تُعيق «الحل الثنائي» - الذي لا تعترف به اسرائيل أصلاً - و«تُهدد أمن إسرائيل»، هذا الموقف يتوافق مع تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الذي وصف إقامة دولة فلسطينية بأنها «تهديد وجودي».
لم تُحدد الحكومة المتطرفة في إسرائيل طبيعة «الإجراءات الأحادية» التي تلوح بها، لكن يُرجح أن تشمل توسيع المستوطنات وهو إجراء ينتهك القانون الدولي، خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل السكان المحتلين إلى الأراضي المحتلة، اضافة الى ضم أجزاء من الضفة الغربية كما حدث سابقًا في خطط ضم غور الأردن، مما يقوض فرص قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا مستقبلا، او القيام بتصعيد عسكري كرد على أي تحرك دبلوماسي فلسطيني، كما حدث في الحرب على غزة منذ تشرين الأول 2023.
من الناحية القانونية، تهديد إسرائيل باتخاذ «إجراءات أحادية» لا يشكل فقط انتهاكا للقانون الدولي، بل يُعزز أيضا تصورا عالميا بأن إسرائيل تسعى لتكريس نظام فصل عنصري (أبارتهايد)، خاصة وان هذه الإجراءات انتهاك صريح للقرارات الأممية، مثل قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016)، الذي يدين الاستيطان، وقرارات محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الجدار الفاصل غير قانوني، لكن إسرائيل، بدعم أمريكي، تتجاهل هذه المرجعيات، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لفعالية آليات إنفاذ القانون الدولي.
في السياق التاريخي منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، بُني الأمل على أن تؤدي المفاوضات الثنائية إلى إقامة دولة فلسطينية، لكن دولة الاحتلال، وخاصة في ظل حكومات بنيامين نتنياهو، حوّلت هذه العملية إلى أداة لشرعنة التوسع الاستيطاني وفرض تغيير الوقائع على الأرض، اضافة الى تنامي المد المتطرف داخل دولة الاحتلال الذي ظهر بوضوح من خلال التصويت الأخير للكنيست الذي عكس إجماعا سياسيا غير مسبوق بين الأحزاب الإسرائيلية، من اليمين المتطرف إلى ما يُسمى «معسكر الدولة» بزعامة بيني غانتس والذي جاء بأغلبية 99 صوتا ضد أي اعتراف بدولة فلسطينية. هذا القرار جاء تتويجًا لسياسة إسرائيلية متواصلة ترفض فكرة الدولتين، وتُعلي من شأن الأمن الإسرائيلي ويهودية الدولة التي تعد فوق أي اعتبارات او قوانين او اتفاقيات او تشريعات دولية وكل ذلك على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
يرتكز الرفض الإسرائيلي على تجاهل صارخ وتمرد بين على القانون الدولي، الذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فإسرائيل، كقوة محتلة، تنتهك بشكل منهجي اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49) عبر التوسع الاستيطاني، وضم القدس الشرقية، وبناء الجدار الفاصل، كما أن قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 2334 (2016)، التي تدين الاستيطان، تُعتبر حبرا على ورق في ظل الدعم الأمريكي الذي يحمي إسرائيل من المحاسبة.
ومع استمرار إسرائيل في رفض حل الدولتين، يبرز سيناريو «الدولة الواحدة»، الذي قد يُجبر المجتمع الدولي على الاختيار بين ديمقراطية تضم جميع السكان أو نظام أبارتهايد، لكن إسرائيل ترفض هذا الخيار، خوفًا من افشال مخططاتها الرامية الى فرض الهوية اليهودية للدولة حتى على الاراضي الفلسطينية المحتلة.
رفض إسرائيل للاعتراف بالدولة الفلسطينية يُغذي أيضًا المقاومة الفلسطينية، فبعد الحرب على غزة 2023، التي أسفرت عن استشهاد حوالي 53 ألف فلسطيني، باتت الدعوات إلى المقاومة المسلحة تتصاعد، خاصة في الضفة الغربية، حيث تُواجه إسرائيل احتمالات متنامية لاندلاع انتفاضة شعبية جديدة، كما يعد هذا الرفض تحدياًٍ للشرعية الدولية، واختباراً لإرادة المجتمع العالمي في إنفاذ القانون وحقوق الإنسان، صحيح ان الدعم الدولي للشرعية الفلسطينية يزداد، لكن دون آلية تنفيذ فعّالة، بيد ان المستقبل سيتحدد بمدى قدرة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم، وكذلك قدرة المجتمع الدولي على تحويل الخطابات إلى أفعال، قبل أن تُدفن فكرة الدولة الفلسطينية تحت ركام الاستيطان والارهاب المتصاعد الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
في ظل تصاعد التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، جاءت تصريحات وزير خارجية الاحتلال «جدعون ساعر» يوم امس، والتي هدد فيها باتخاذ «إجراءات أحادية» ردًا على أي اعتراف بدولة فلسطينية، لتعكس تحولا جوهريا في المواقف الإسرائيلية والدولية تجاه القضية الفلسطينية، حيث تُظهر هذه التصريحات تداخلًا معقدًا بين الأبعاد «القانونية الدولية» و«الاستراتيجيات السياسية»، مما يستدعي تحليلًا معمقًا للسياقات والدلالات.
تصريحات ساعر جاءت ردًا مباشرًا على إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون في نيسان 2025 عن نية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحلول حزيران المقبل، كجزء من مؤتمر دولي تُنظمه باريس بالشراكة مع دول عربية في نيويورك، هذا التحرك الفرنسي امتداد لما قامت به دول اوروبية اخرى من قبل، ففي 2024، اعترفت دول مثل إيرلندا والنروج وإسبانيا بالدولة الفلسطينية، مما يعكس تحولا مهما في الموقف الأوروبي الذي طالما تردد في دعم الاعتراف الكامل دون تسوية تفاوضية.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحركات الدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تتصاعد بالمقابل المواجهة بين إسرائيل والمجتمع الدولي الذي اعترف منه حتى الان 149 دولة بالدولة الفلسطينية، حيث تُصر تل أبيب على رفض أي خطوة تدعم الشرعية الفلسطينية، سواء عبر الأمم المتحدة أو من خلال اعترافات فردية لدول كبرى، هذا الرفض يعكس استراتيجية إسرائيلية عميقة الجذور تهدف إلى إبقاء القضية الفلسطينية رهينة المفاوضات الثنائية، وتكريس الهيمنة الإسرائيلية من خلال تغيير الحقائق على الأرض.
لقد ذهبت حكومة الاحتلال إلاسرائيلي بعيدا في تعنتها واستهتارها بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حين قال وزير خارجيتها أن أي اعتراف أحادي يعد مكافأة لما وصفه بـ «الإرهاب الفلسطيني»، وأن مثل هذه الخطوات تُعيق «الحل الثنائي» - الذي لا تعترف به اسرائيل أصلاً - و«تُهدد أمن إسرائيل»، هذا الموقف يتوافق مع تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الذي وصف إقامة دولة فلسطينية بأنها «تهديد وجودي».
لم تُحدد الحكومة المتطرفة في إسرائيل طبيعة «الإجراءات الأحادية» التي تلوح بها، لكن يُرجح أن تشمل توسيع المستوطنات وهو إجراء ينتهك القانون الدولي، خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل السكان المحتلين إلى الأراضي المحتلة، اضافة الى ضم أجزاء من الضفة الغربية كما حدث سابقًا في خطط ضم غور الأردن، مما يقوض فرص قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا مستقبلا، او القيام بتصعيد عسكري كرد على أي تحرك دبلوماسي فلسطيني، كما حدث في الحرب على غزة منذ تشرين الأول 2023.
من الناحية القانونية، تهديد إسرائيل باتخاذ «إجراءات أحادية» لا يشكل فقط انتهاكا للقانون الدولي، بل يُعزز أيضا تصورا عالميا بأن إسرائيل تسعى لتكريس نظام فصل عنصري (أبارتهايد)، خاصة وان هذه الإجراءات انتهاك صريح للقرارات الأممية، مثل قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016)، الذي يدين الاستيطان، وقرارات محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الجدار الفاصل غير قانوني، لكن إسرائيل، بدعم أمريكي، تتجاهل هذه المرجعيات، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لفعالية آليات إنفاذ القانون الدولي.
في السياق التاريخي منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، بُني الأمل على أن تؤدي المفاوضات الثنائية إلى إقامة دولة فلسطينية، لكن دولة الاحتلال، وخاصة في ظل حكومات بنيامين نتنياهو، حوّلت هذه العملية إلى أداة لشرعنة التوسع الاستيطاني وفرض تغيير الوقائع على الأرض، اضافة الى تنامي المد المتطرف داخل دولة الاحتلال الذي ظهر بوضوح من خلال التصويت الأخير للكنيست الذي عكس إجماعا سياسيا غير مسبوق بين الأحزاب الإسرائيلية، من اليمين المتطرف إلى ما يُسمى «معسكر الدولة» بزعامة بيني غانتس والذي جاء بأغلبية 99 صوتا ضد أي اعتراف بدولة فلسطينية. هذا القرار جاء تتويجًا لسياسة إسرائيلية متواصلة ترفض فكرة الدولتين، وتُعلي من شأن الأمن الإسرائيلي ويهودية الدولة التي تعد فوق أي اعتبارات او قوانين او اتفاقيات او تشريعات دولية وكل ذلك على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
يرتكز الرفض الإسرائيلي على تجاهل صارخ وتمرد بين على القانون الدولي، الذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فإسرائيل، كقوة محتلة، تنتهك بشكل منهجي اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49) عبر التوسع الاستيطاني، وضم القدس الشرقية، وبناء الجدار الفاصل، كما أن قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 2334 (2016)، التي تدين الاستيطان، تُعتبر حبرا على ورق في ظل الدعم الأمريكي الذي يحمي إسرائيل من المحاسبة.
ومع استمرار إسرائيل في رفض حل الدولتين، يبرز سيناريو «الدولة الواحدة»، الذي قد يُجبر المجتمع الدولي على الاختيار بين ديمقراطية تضم جميع السكان أو نظام أبارتهايد، لكن إسرائيل ترفض هذا الخيار، خوفًا من افشال مخططاتها الرامية الى فرض الهوية اليهودية للدولة حتى على الاراضي الفلسطينية المحتلة.
رفض إسرائيل للاعتراف بالدولة الفلسطينية يُغذي أيضًا المقاومة الفلسطينية، فبعد الحرب على غزة 2023، التي أسفرت عن استشهاد حوالي 53 ألف فلسطيني، باتت الدعوات إلى المقاومة المسلحة تتصاعد، خاصة في الضفة الغربية، حيث تُواجه إسرائيل احتمالات متنامية لاندلاع انتفاضة شعبية جديدة، كما يعد هذا الرفض تحدياًٍ للشرعية الدولية، واختباراً لإرادة المجتمع العالمي في إنفاذ القانون وحقوق الإنسان، صحيح ان الدعم الدولي للشرعية الفلسطينية يزداد، لكن دون آلية تنفيذ فعّالة، بيد ان المستقبل سيتحدد بمدى قدرة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم، وكذلك قدرة المجتمع الدولي على تحويل الخطابات إلى أفعال، قبل أن تُدفن فكرة الدولة الفلسطينية تحت ركام الاستيطان والارهاب المتصاعد الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
التعليقات