وجهات نظر

إسرائيل تريد الحرب لا السلام ..

إسرائيل تريد الحرب لا السلام ..


سقوط مدو للإنسانية جمعاء، وخرق فاضح للقوانين والعهود والمواثيق الدولية، وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، كل هذا تكشف للعالم أمام اختبار غزة، التي تعيش اليوم أسوأ كارثة إنسانية ستبقى وصمة عار تلاحق العالم لأجيال، وسط صمت غريب ومريب من المجتمع الدولي الذي يتغافل مع سبق الإصرار والترصد عن لجم حالة الجنون والهستيريا التي تجتاح الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، ويدفع ثمنها الباهظ شعب مدني أعزل لا يملك أدنى مقومات الحياة، على مرأى ومسمع الجميع.

"من أمن العقاب أساء الأدب"، هذا القول المأثور والشائع ينطبق في حقيقة الامر على إسرائيل، فرغم تصاعد النداءات والتحذيرات العالمية وتواصل جهود الوساطات العربية والدولية لإنهاء الحرب الهمجية التي تشنها على غزة منذ 22 شهراً، يمعن هذا الكيان المتطرف يوماً بعد يوم في حرب الإبادة والتجويع والتدمير ويقطع كل سبل الحياة عن مدينة يقطنها ما يزيد على مليوني نسمة باتوا يعيشون تحت وطأة ظروف لا يقبل بها أي انسان.

ومع كل المأسي التي يشهدها القطاع تستعد الحكومة المتطرفة للاجهاز على ما تبقى منه، بعد أن أعلنت عن إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق لاحتلال مدينة غزة بالكامل وتهجير سكانها، حيث بدأت بالفعل بالتمهيد لهذه العملية دون أن تلتفت للأصوات التي تنادي بوقف هذه الحرب الهمجية وغير المبررة، فقد استدعت عشرات الآلاف من جنود الاحتياط واعدت خطط التهجير القسري لسكانها مما يشي بأننا أمام كارثة إنسانية جديدة ستحل بالقطاع تضاف إلى كارثة إنسانية قائمة.

وبالتزامن مع التصعيد العسكري في القطاع، وعلى الجانب الآخر من فلسطين المحتلة، بدأت الحكومة الإسرائيلية بالتوسع الاستعماري في الضفة الغربية، حيث أطلقت مشروعاً استيطانياً خطيراً في المنطقةE1 يفصل شمال الضفة عن جنوبها ويحولها إلى مناطق معزولة عن بعضها لتصبح أشبه ما تكون بسجون حقيقية يتعذر التنقل بينها إلا عبر حواجز وتصاريح، وصولاً إلى الضم التدريجي لكامل الأراضي المحتلة، في مسعى واضح لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على كل فرص السلام ووضع العقبات أمام أي تطلعات في المستقبل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كل هذا يؤشر إلى حقيقة مروعة أصبحت ثابتة وهي أن الكيان المأزوم لا يريد أن ينهي حربه الوحشية على غزة ولا تطلعاته الاستعمارية في الضفة الغربية، بل يتعمد لعرقلة كل الجهود الساعية لإنهاء الصراع واحلال السلام وارتكاب كل المحرمات، لتنفيذ سياسته المتطرفة التي تتغذى على العنف والكراهية حتى لو كان ثمنها اشتعال المنطقة بأكملها.

والسؤال الذي يدور في الأذهان، إلى متى يبقى العالم صامتاً؟، ألا تستدعي كل هذا المجازر والتي حصدت آلاف الشهداء والجرحى بينهم أطفال ونساء وكبار السن، ولم توفر المستشفيات ولا المدارس ولا المساجد ولا الكنائس ولا مراكز الإيواء، ناهيك عن التهجير القسري الذي طال غالبية سكان القطاع، أن يتحرك العالم لوضع حد لهذه الحرب غير الشرعية.