سوالف

هدوء داخلي وسط فوضى العالم: كيف يُعيد التأمل ترتيب صحتك النفسية؟

هدوء داخلي وسط فوضى العالم: كيف يُعيد التأمل ترتيب صحتك النفسية؟

للعلّم - في زمن تتسارع فيه الأحداث وتعلو فيه الأصوات من حولنا، يصبح العقل كغرفة مزدحمة لا تهدأ، والجسد في حالة "استنفار صامت". فحين نتعرض للتوتر أو الخوف أو ضغط نفسي، يُفعّل الجسم تلقائيًا الجهاز العصبي الودي – ذلك المسؤول عن استجابة "الكرّ والفرّ"، الذي يسرّع نبضات القلب، يرفع ضغط الدم، ويُطلق سيلًا من المواد الكيميائية في مجرى الدم.

لكن، هل هناك زرّ لإيقاف هذه العاصفة؟

الجواب ببساطة: نعم، اسمه "التأمل".

ما هو التأمل؟ ولماذا أصبح حديث العالم؟
التأمل ليس طقسًا روحانيًا معقدًا كما يظنه البعض، بل هو تمرين عقلي يُعيد برمجة استجابتك للتوتر.
يكفي بضع دقائق من التنفس الواعي، أو الجلوس بصمت، أو تكرار جملة هادئة، حتى تبدأ عجلة التغيير في الدوران داخلك.

كيف يؤثر التأمل على صحتك النفسية؟
يُهدئ الجهاز العصبي:
التأمل ينشّط الجهاز العصبي اللاودي، وهو الطرف الآخر من منظومة التوازن العصبي، المسؤول عن الراحة والاسترخاء.
وهنا يبدأ الجسم في "إغلاق حالة الطوارئ"، ويعود إلى طبيعته.

يُقلل إفراز السيتوكينات المسببة للالتهاب:
أظهرت الدراسات أن التأمل المنتظم يقلل من إنتاج البروتينات الالتهابية، التي يُعتقد أن لها علاقة بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم.

يعيد تنظيم النشاط الدماغي:
أبحاث التصوير بالرنين المغناطيسي بيّنت أن التأمل المنتظم يمكن أن يُعزّز من حجم المادة الرمادية في مناطق الدماغ المرتبطة بالتركيز والتعاطف والوعي الذاتي.

يُخفف الأعراض النفسية:

يقلل من القلق العام والتوتر

يساعد في التعامل مع الاكتئاب

يُحسّن نوعية النوم

يعزز الشعور بالرضا الذاتي والسلام الداخلي

لكن... كم دقيقة نحتاج؟
لسنا بحاجة إلى ساعات من التأمل يوميًا.
10 إلى 15 دقيقة فقط يوميًا كافية لإحداث فرق ملموس على المدى الطويل.
والمفتاح؟ الاستمرارية لا الكمال.

أفكار لتأمل بسيط في البيت:
تأمل التنفس: ركّزي على الشهيق والزفير فقط.

تأمل الوعي اللحظي (المايندفولنس): راقبي أفكارك دون الحكم عليها.

تأمل موجه عبر تطبيقات أو مقاطع صوتية.

تأمل الشكر: فكّري يوميًا في 3 أشياء أنتِ ممتنة لها.

اقتباس يلهمكِ:
"في اللحظة التي تغلقين فيها عينيك وتتنفسين بعمق، لا تهربين من العالم... بل تعودين إلى نفسك."

التأمل ليس رفاهية... إنه ضرورة.
هو عودة إلى توازنك الطبيعي، إلى نفسك التي أنهكها الصخب، وإلى جسدك الذي لم يُخلق ليبقى في حالة طوارئ دائمة.
إمنحي نفسك دقائق من الصمت... فقد تكون أعظم هدية لصحتك النفسية هذا العام.