وجهات نظر

الملك .. يوقظ العدالة لفلسطين

الملك ..  يوقظ العدالة لفلسطين


في عالم متغير تضيع فيه البوصلة أحيانا، كان لا بد من يد تضرب بقوة على جدران الصمت، ويد لا تجامل ولا تساوم، وتفعل ما عجز عنه غيرها، وهذا بالضبط ما فعله جلالة الملك عبدالله الثاني، حين قرع جرس القضية الفلسطينية بقوة، وأعاد إحياء حل الدولتين ووضعه على الطاولات الدولية مجدداً، بعدما كاد يُشطب قسرا من حسابات الكبار، فماذا تحقق بهذا الشأن؟

الكيان الإسرائيلي حاول مرارا إنهاء حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وسط تواطؤ وصمت وحسابات سياسية للدول الكبرى بهذا الشأن، فرفض الأردن أن يكون متفرجا على جريمة طمس "الحقوق الفلسطينية"، ولهذا كانت الدبلوماسية الأردنية فاعلة وقوية وثابتة بموقفها، حتى من قبل العدوان على غزة، محذّرة العالم أجمع بأن لا أمن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

العالم اقتنع برؤية الأردن ومصداقيته الداعية إلى إنهاء الصراع عبر إقامة حل الدولتين، وبدأنا نشهد تحولات دولية لافتة ومعلنة، فها هي فرنسا تعترف، وإسبانيا تعترف، وايرلندا تعترف، وبريطانيا وألمانيا تقتربان أيضا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ودول أخرى تعلن هذا الموقف إما بعد زيارة الملك لها أو بعد اتصالات هاتفية بين الملك وقادتها.

المواقف التي نسمعها من دول كثيرة تعترف بالدولة الفلسطينية، كانت حتى وقت قريب بعيدة المنال، لكنها اليوم تتشكل، بفعل الدبلوماسية الأردنية وحكمة الملك، وتصبح واقعا ملموسا، بعدما أيقظنا "الضمير والعقل" العالميين، فالدبلوماسية الأردنية هي التي حملت "الصوت الفلسطيني" في المحافل الدولية، وواجهت الضغوط وذكرت العالم بما يحاول الاحتلال طمسه من حقوق.

الزيارات المكوكية للملك، ولقاءاته مع قادة العالم، وخطاباته التي تلقي الحجة وتفتح العيون، كلها كانت جزءا من معركة سياسية ممنهجة لإعادة مركزية القضية الفلسطينية، فبعد سنوات من السكون الدبلوماسي العالمي تجاهها، غدت اليوم على أجندة القمم، وفي بيانات الدول، وعلى طاولات البرلمانات، بفضل الإصرار الأردني غير القابل للكسر.

دور الملك لم يقف عند حدود القضية الفلسطينية، ففي الملف السوري أيظاً، كان الأردن وما زال يطرق الأبواب المغلقة، ويسعى لحلول تحفظ وحدة سوريا واستقرارها، وكذلك الامر في ملف المساعدات الإنسانية، إذ كان الأردن أول من يفتح ممرات الإغاثة لغزة ويعرض إمكانياته لنقلها، وكسر حصارها الظالم.

خلاصة القول، الملك اليوم، كما الأمس، هو ذلك اللاعب الحر في ملعب السياسة، الذي يواصل حشد الدعم الدولي للقضايا العادلة، مؤمنا أن لا أمن بالمنطقة دون عدالة، ولا عدالة دون دولة فلسطينية حقيقية عاصمتها القدس الشريف.