وجهات نظر

"لعنة غزة “هل ترد ؟

"لعنة غزة “هل ترد ؟


هناك في التاريخ والأسطورة، "لعنة الفراعنة"/ التي لحقت كل من عبث بحقهم وبمقابرهم وموتاهم، وهناك الآن "لعنة غزة" التي ستصيب الكثيرين ممن تركوا غزة تموت قتلاً وجوعا وعطشاً، الى آخر طفل كما في الهندسة الصهيونية القائمة.

وقد قال الشاعر الجاهلي أبو ذؤيب الهذلي، حين هبّ قومه للدفاع عن انفسهم معتزاً بذلك، "فإن قومي لم تأكلهم الضبع"،

فقد كان يقال للقبيلة العربية التي لا تدافع عن نفسها امام العدوان

"أكلتهم الضبع".

وقد عادت الى الأخبار كلمة "فزعة" وهي كلمة بدوية سمعناها بعد أن تحركت من قواميس اللغة الراكدة ومعناها "التضامن" بين العشيرة والقبيلة أو القبائل المتحالفة أو ذات الأصول الواحدة.

وفي تزاحم الدول، غابت القبيلة عن الفعل العام، وإن كانت في معركة اليرموك الشهيرة قد استنهضت حين سمح للمقاتلين أن يتراصوا ويتقدموا في "كراديس" كتائب ينسب فيها المقاتل لقبيلته ليزداد شجاعة باسمها وهو يقاتل، وكان ذلك من ابداع خالد بن الوليد القائد في معركة اليرموك.

تعود الفزعة مرة أخرى، الان حين تعرضت قبائل الجبل للعدوان الذي سببته اسرائيل في جيلهم بتحريض معلن، فارتد السحر على الساحر، وبدأت القبائل العربية تتداعى لتشكل حالة ردع توقف التدخل الاسرائيلي الزاحف في جنوب سوريا إلى السويداء بعد أن غاب الجيش السوري لعوامل نعرفها، فقد تحطم بمؤامرة عشية رحيل الأسد لتصبح سوريا "كالدجاج المسحب بلا عظم" حتى يفتك بها اعداؤها في ابشع عملية خيانة ويقول قائلهم:

لو كنت في مازن لم تستبح إبلي" كما جاء على لسان الشاعر قريط التميمي: وشعار الفزعة الذي يجسدها قول الشاعرة:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم

في النائبات، على ما قال برهاناً".

وترسل اسرائيل المتسللين الى جنوب سوريا باتجاه اشعال الفتنة في السويداء بعد أن حركتهم تحت حماية الجيش الاسرائيلي، فقد جاءت القبائل العربية لمواجهتهم وزحفت من كل أطراف الجبل وحتى من العراق، وامتداد هذه القبائل في المنطقة وحيث جاء نداء البداوة في امتداد هذه القبائل ومواقعها، ذلك انها لن تقبل الضيم والعدوان، وتحقق فيهم القول الذي لم يتحقق لغزة وأهلها، ممن غابت عنهم الفزعة للأسف.

وتساءل الغزي من ينصره، ليقول لسان حاله:

ليت لي بهم قوما إذا ركبوا

شدوا الاغارة فرساناً وركبانا

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم،

قاموا إليه زرافات ووحدانا

ينهض بدو بدو الجبل أو عرب الجبل لا ليقاتلوا بعضهم ولكن ليرسلوا رسالة لاسرائيل وأعوانها، والتي ارادت استخدام ابناء الطائفة الكريمة "الدروز" ذراعاً لها وحصان طروادة في سوريا، للدخول الى سوريا الموجوعة كقوة احتلال وتدخل، فارسلوا، الاشارة أن للجبل أهل، وهو جبل العرب وقبائله معروفة من عرب واعراب، وأنهم جاهزون بالفزعة التي رأيناها كيف تخرج لهم من بادية الشام وجوارها، من كل فج عميق، وكانهم على قلب رجل واحد، يتتبعون خالد بن الوليد في اليرموك.

أن البداوة ما زالت تمتلك الجمر والمروءة، وهي التي انتصرت في اليرموك حين حاربت بالنخوة في اليرموك،

في قطر فإن نداء الطوارئ بدل الخدمة، 911، هو كلمة (الفزعة)، فالبداوة ما زالت بديلاً، لأن العرب للأسف لم يفلحوا حتى اليوم في بناء الدولة القومية القادرة على الحفاظ على الأمن القومي العربي، رغم أن اعظم اختراع للبشرية اليوم هو بناء الدولة.

بعد أحداث الجبل "جبل العرب" المؤسفة فأن البداوة القديمة والقبيلة لن تخلي مواقعها ولن تفرط بسلاحها، فمن يرد الغزو الاسرائيلي المتذرع بالانتصار لهذا وذاك، على حساب الوطن والمواطن، والذي يدخل بين الأخ وأخيه تحت ذرائع واهنة من اشعال الفتنة وخدمة العملاء.

الفزعة في الجبل تجعلنا نتأمل أكثر وقد تنبه غزة التي ما زالت لعنتها تتشكل في موت أطفالها، فقد ورثت لعنة نكبة 1948، مصائب كثيرة وعصفت باستقرار المنطقة ولن تكون اليوم غزة استثناء.