وجهات نظر

يا د. خالد السالم جامعتكم بيضت وجوه الأردنيين

يا د. خالد السالم جامعتكم بيضت وجوه الأردنيين

تنفسنا الصعداء كما يقولون، وأحسست بالراحة وأنا أطالع خبر، اجتياح جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، حاجز ال 500 جامعة، لتجلس على مقعد 461، وسط زحام عالمي شديد، كانت الجامعات الأردنية من قبل تنتظره خارج السباق، ومحرومة من الفوز، ولكن أبنائها المخلصين من خريجيها ومن أبناء الوطن لم يرقهم ذلك، واشتكوه، وقبلوا التحدي وخاصة رئيس الجامعة العالم المتفوق حتى في الجامعات الغربية، الاستاذ الدكتور خالد السالم، الذي استطاع أن يحمل الجامعة وفريقه لتحقق هذا الاختراق، وكأنه يرد على الشامتين والعاجزين والذين أدمنوا تبخيس الجهد أو النيل منه!

قال أحد الفلاسفة إن الذين يشفقون من كلفة التعليم ومعاناة طالبيه، عليهم أن يجربوا كلفة الجهل قبل أي حديث في هذا.

وما دمنا بصدد الكلام عن التعليم والتحصيل والتفوق، أو النكوص، فإنني أذكر حين كنت رئيساً للتحرير في صحيفة صوت الشعب، اليومية الأردنية، وقد خرجت نتائج التوجيهي، وكان ذلك قبل ثلاثة عقود، دخل علي أحد الزملاء في يده قوائم التوجيهي، فاخذت القوائم واردت النظر الى التحصيل المدرسي في ذلك العام، فوقعت عينيّ على مدرسة في محافظة الكرك، تسمى "العراق" وقد وضع الى جانب اسم المدرسة (لا أحد)، أي لا أحد نجح في التوجيهي عن ذلك العام في القرية.

أحسست حينها بالكآبة وكتبت وحملت وزارة التربية والتعليم وزر ذلك، وأحسست أننا نضيع جيلاً بعد أن كنا نعتز بالتعليم ونفاخر به ونعتمده وسيلة فضلى لحياتنا.

اليوم اشعر وكأن الاعتبار قد ردّ لنا على مستوى الجامعات التي حاولت بعض الأطراف الاقليمية أن تتطاول عليها وان تشترط لترد جامعة العلوم والتكنولوجيا، وهي تعد أنها ستبقى تحطم الرقم القياسي، في كل مناسبة للقياس، وأن عمر الجامعة التي بلغت الأربعين عاماً فقط ليس طويلاً، قياساً الى عمر الجامعات التي مضى على بعضها قرون طويلة، فالجامعات وإن كان التراكم الزمني مهماً، الا! أنه ليس مقياساً للتفوق والتميز.

هذه مناسبة ان تتبادل الجامعات الأردنية التي كسرت الحاجز، كالأردنية والتكنولوجيا، الخبرة، وفرصة لتعميم برامجها وتأهيلها تساعد على الصعود، فقد استثمر بلدنا في جامعاته وما زال بحاجة الى المزيد من الاستثمار وخاصة في البحث العلمي والحرم الجامعي. فالطالب ليس ماكنة للحفظ وظاهرة لاجتياز الامتحانات، وإنما هو عقل يمكن يلزمه التاهيل والإعداد والتعليم الحديث ووسائله ليعطي الثمار الحلوة ونخلق جيلاً من العلماء يعوض علينا وعلى أمتنا كل سنوات التراجع والاندحار.

كان طلاب الجامعات في الاندلس، يأتون من كل اوروبا، حيث يرسل الملوك والبابوات والأمراء والفرسان والطبقات الميسورة ابناءهم لجامعات إشبيلية وطليطلة وغرناطة، وغيرها ليدرسوا علوماً طبيعية فيها كل متطلبات العصر وما يتطلع اليه الناس من ريادة.

وكانت بغداد أيضاً تنهمك في التعليم وبني بيت الحكمة وتترجم الشعر الإغريقي وتقدم اختراعاتها للعالم.

لست مولعاً أن نذهب الى الماضي، وإن كنت رغبت الاستشهاد منه، ولكنني اريد أن اتطلع للمستقبل وأدعو الى مزيد من الابتعاث الجامعي الحقيقي المعتمد على التفوق والكفاءة وليس على المحسوبية والواسطة والمنح الدراسية، وأن نجترح برامج جديدة حديثة، وأن نواصل بناء مختبراتنا بما فيها من سيكون للبحوث والطاقة النووية، كمختبر جامعة العلوم التكنولوجيا، الشكر المتكرر "لكوريا" التي منحته واثرت المختبر.

ونكرر عبارة رئيس الجامعة الذي هو الأكثر احتفاء وبهجة الآن بما جنت يديه وفريقه، بقوله، "نحتفل بدخول جامعة العلوم والتكنولوجيا رسمياً القائمة... قائمة الخمسماية جامعة على مستوى العالم".

إنها قائمة الشرف وعلى هذا فليتنافس المتنافسون أو يعودوا أدراجهم خارج السباق".