وجهات نظر

نتنياهو في واشنطن .. ما الفاتورة؟

نتنياهو في واشنطن ..  ما الفاتورة؟


يرى الكثير من المراقبين أن لقاء نتنياهو مع ترامب، والذي جرى باخراج دراماتيكي حيث الجلوس في مكان آخر غير المكتب البيضاوي وحيث العشاء الخاص جدا والدخول من الباب الخلفي المفضي للمطبخ وحيث لا صحفيين يمكنهم المراقبة.

يرى المراقبون أن اللقاء فيه خداع كثير وأن التذاكي بين الطرفين هو السائد، فكلاهما يريد سحب الآخر الى مواقفه المعلنة، رغم الاتفاق على نقطة لقاء واحدة بعد ذلك يبدو الاختلاف في الأسلوب فقط.

نتنياهو يحمل لترامب هدية، هي استدعاء كتبه الى لجنة نوبل يوصي فيها أن يمنح ترامب الجائزة، نظير خدماته كرجل سلام، بديباجة مغدقة في المدح، وهذه الرسالة وقعت على ترامب (كالذي يحك له على جرب) في حين أراد نتنياهو من ترامب أن يغير الصور في البراويز التي ستقدم كمشاريع، فهو لم يعد أي نتنياهويتحدث عن اليوم التالي وعن حماس تحديداً، بل أبقى ذلك مضمراً وراح يوسع دائرة طموحه ورغباته ويتحدث عن اليوم التالي اقليمياً وعربياً ودولياً ومسائل تتعلق بمخططات اسرائيلية سرب منها ترامب الكثير، وهي ما دفعت نتنياهو للقول أنه يريد تغيير وجه الشرق الأوسط!!

المعادلة التي أبقاها ترامب مضروبة، والتي اراد نتنياهو تعديل أحد طرفيها، هو أن ترامب أراد وقف النار في غزة، ولكنه لم يتحدث عن وقف التهجير، وهذا ما شجع نتنياهو أن يقول وهو يغادر بالطائرة الى واشنطن أنه يريد من منفذي خطته من العسكريين ان يحشروا الفلسطينيين في الجنوب، تمهيداً الى ترحيلهم، وترك الأمر مفتوحاً وكأن الخطة جاهزة، وترامب لم ينف ذلك بل أن خطط التهجير ما زالت حيّة، وأراد نتنياهو أن يضيف اليها ضرورة المساعدة على إنجازها بشكل أفضل، وقال (أننا نعمل مع الولايات المتحدة لايجاد دول تستوعب الفلسطينيين وتمنحهم مسقبلاً أفضل.)

يصل نتنياهو الى واشنطن... فهو يحمل أربعة ملفات في هذه الزيارة الثالثة لوشنطن خلال ستة أشهر، ويؤرقه أنه طرد في اللحظة الأخيرة من سفره، متحدثه الرسمي لارضاء زوجته سارة، التي لم تعد تطيقه، وربما قالت آخر عبارة لنتنياهو، (يا انا يا هو)، وقد سارع نتنياهو لطرده من الموقع وعين مكانه زيف أعمون، فلم يكن الدكتور عومر دوستري، يرتاح للست سارة زوجة نتنياهو التي كانت تتدخل في كل الشؤون وتبدي ملاحظات.

والتهمة لعومر كانت جاهزة على خلفية اتهامه بتسريب معلومات عن الحرب على ايران والعبث بأمن المعلومات.

من المطالب التي وسع فيها نتنياهو، شراهته أنه طالب بانهاء عمل قوات اليونيفيل الدولية جنوب لبنان، مذكراً بطرد عبد الناصر للقوات الدولية عام 1967، من جزيرة تيران، وهو بذلك، أيّ نتنياهو يريد جعل حدود لبنان مستباحة، وهو ما حذر منه رئيس الجمهورية اللبنانية.

نفسية نتنياهو أزدادت قتامة بوصول خبر عمليات المقاومة الأخيرة اليه، والعدد الكبير من القتلى والجرحى في شمال غزة، والذي جاء على خلفية خلاف مع رئيس الأركان الاسرائيلي زامير، الذي اشتكى أن الجيش الاسرائيلي لا يستطيع ان يسيطر على مليوني غزي، معتبراً ان أهداف الحرب قد انتهت وأن اطالتها له اسباب أخرى يعلمها نتنياهو.

تبارى التلفزيون والمصورون الرسميون في البيت الأبيض لابراز نتنياهو وهو يحتضن وزير الخارجية، ماركو روبيو، وصورة اخرى في عناق حار مع ويدكوف الذي قدم وصفات جيدة تتناسب مع رغبة معلمه ترامب، في حين ما زال نتنياهو يحاول بلعها، وقد أصبحت المعادلة إما وقف اطلاق النار في غزة او التهجير.

لقاء نتياهو مع ويدكوف، لم يكن مريحاً، لأن نتنياهو ما زال يكرر نفس العبارة التي ملّ منها الجميع وكان ويدكوف يسأله عن زيارته (جئت تطلب ناراً ام تشعل البيت ناراً) مذكراً بمسرحية مجنون ليلى في مسرحية أحمد شوقي.

زيارات سابقة... لنتنياهو فضحتها الصحافة الاسرائيلية عندما كتبت أنه حمل معه ثلاث حقائب مليئة بالملابس المتسخة لكي تغسل وتكوى في خدمات الفندق حيث ينزل على حساب الحكومة الأمريكية، وهذه المرة حمل معه زوجته... ورسالة التوصية بنوبل للسلام لصالح ترامب.

ترامب يقول سأكون حازماً معه هذه المرة في حين يقول نتنياهو اليوم التالي، هو في اقامة علاقات عربية اسلامية أوسع،مع إسرائيل وكذلك مفاوضات وفي استمرار تقييد ايران واطلاق يد اسرائيل في المنطقة.

وحتى يظهر ترامب صديقه نتنياهو مقبولا، قال (أنه هو الذي طلب منه رفع العقوبات عن سوريا... )هل تصدقوا؟ في حين ما زالت الحدود اللبنانية والسورية مستباحة للجيش الاسرائيلي وما زال طبخ الاتفاقيات على النار والرشاوي بالمواقف متبادلة بين الطرفين للخروج بماء الوجه وانجاح التمثيل باخراج محترف، فترامب يتدخل في القضاء الاسرائيلي لمنع محاكمة نتنياهو، الذي ظل يخلق الذرائع بالقول الذي يشبه (لا صوت فوق صوت المعركة) وأنه لا يستطيع حضور جلسات المحاكم طالما هو يقاتل ولديه اسرار وانشغالات في اجتماعات واتصالات خارجية، وهو الأمر الذي تشدد فيه القضاء الاسرائيلي بداية، ولكنه بدا يلين مع نتنياهو بناء على تنسيب من ترامب الذي يرى أن رجلاً مثل نتنياهو في مستوى خدماته لا يجوز أن يحاكم!!

إن سياسة (حكلي لحكلك، )(وشيلني لشيلك، )هي السائدة في العلاقة بين الرجلين الان والعالم يتفرج، وحتى اسبوع ترامب لوقف الحرب على غزة ما زالل يمط فيه لشراء المزيد من الوقت فهل يصل ترامب الان الى سقف زمني لاحداث هدنة في غزة يريدها نتنياهو أن لا تكون وقفا دائما للحرب.

والسؤال من الرابح ومن الخاسر في زيارة نتنياهو لواشنطن ولقاء ترامب، هذا سؤال المليون والنتائج ستكشفها الأيام والمستقبل لا يدعو الى التفاؤل.طالما بقيت المراوغة والكذب هو مايبنى عليه.