سوالف

لماذا يصبح الطعام غير الصحي أكثر إغراء في الليل؟!

لماذا يصبح الطعام غير الصحي أكثر إغراء في الليل؟!

للعلّم - يعتقد البعض أن السهر لساعات متأخرة أمر يمكن تجاوزه ببساطة في صباح اليوم التالي بكوب قهوة، لكن الأبحاث العلمية تؤكد أن قلة النوم لا تمر دون عواقب. فهي تؤدي إلى سلسلة من التغيرات البيولوجية التي تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والعقلية، من اضطرابات في كيمياء الدماغ، إلى خلل هرموني وضعف في المناعة، وحتى تأثر عملية التمثيل الغذائي.

عند البقاء مستيقظًا حتى وقت متأخر من الليل، خاصة مع الانشغال بالشاشات أو مشاهدة المسلسلات، تبدأ هذه التغيرات في الظهور. وفي صباح اليوم التالي، يبحث الجسم عن دفعة سريعة من الطاقة، فتبدو الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون، مثل المعجنات والحلويات، أكثر جاذبية من المعتاد.

وهذا الميل ليس ضعفًا في الإرادة، بل نتيجة مباشرة لاختلال التوازن في هرمونات الجوع والشبع الناتج عن قلة النوم. بل إن الأمر يتعدى الكمية إلى نوعية الطعام؛ إذ يدخل الدماغ في ما يشبه "وضع الطوارئ"، فيصبح أكثر انجذابًا للأطعمة عالية السعرات، بينما تقل فعالية الجزء المسؤول عن اتخاذ القرارات المنطقية.

وقد أظهرت صور الدماغ أن المناطق المرتبطة بالمكافأة تنشط بشكل مفرط عند الحرمان من النوم، في حين تتراجع قدرة القشرة الأمامية – المسؤولة عن ضبط النفس والتفكير العقلاني – ما يجعل مقاومة الرغبة في تناول رقائق البطاطس أو قطعة حلوى أكثر صعوبة.

والمشكلة لا تكمن في ليلة واحدة فقط. فمع تكرار قلة النوم، يبدأ الجسم في فقدان حساسيته للإنسولين، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسمنة والسكري من النوع الثاني. كما يرتفع مستوى الكورتيزول، هرمون التوتر، الذي يعزز تخزين الدهون في منطقة البطن ويؤثر سلبًا على المزاج والتركيز.

لكن الجانب المشرق هو أن الجسم يمتلك قدرة مذهلة على التعافي. فبضع ليالٍ من النوم الجيد كافية للبدء في عكس هذه التأثيرات السلبية، إذ يعيد الجسم خلالها توازنه الهرموني، ويصلح خلاياه، ويستعيد السيطرة على الشهية.

في عالم يعلي من شأن السهر والعمل المتواصل، يجدر بنا أن نتذكر أن النوم ليس رفاهية، بل ضرورة حيوية لا تقل أهمية عن التغذية السليمة أو ممارسة الرياضة. إنه حجر الأساس لصحة جسدية ونفسية متوازنة، وقدرتنا على اتخاذ قرارات أفضل والعيش بجودة حياة أعلى.