وجهات نظر

الحرب وتداعياتها على اقتصادنا الأردني

الحرب وتداعياتها على اقتصادنا الأردني


في ظل التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، تبرز الحاجة الملحة لأن تمتلك الحكومة الأردنية رؤية استباقية قادرة على التنبؤ بالتطورات الإقليمية وإدارتها بفاعلية. فالموقع الجغرافي الحساس للأردن، واعتماده الكبير على الاستقرار الإقليمي، يجعلانه أكثر عرضة لتداعيات هذه الصراعات المتفاقمة.

إن أبرز التأثيرات الاقتصادية المباشرة تتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة، وخاصة النفط، والذي يشكل عبئاً ثقيلاً على الصناعة الوطنية. ومع هذا الارتفاع، تتأثر المالية العامة سلباً نتيجة زيادة كلفة الاستيراد، ما ينعكس بدوره على معدلات التضخم ويؤثر في القدرة الشرائية للمواطنين.

ولا يقتصر الضرر على قطاع الطاقة فقط، بل يمتد ليشمل السياحة، أحد أهم مصادر الدخل الوطني. ففي ظل التوترات الأمنية، تتراجع حركة السياح وتتوقف بعض خطوط الطيران، ما يؤدي إلى انخفاض ملموس في عوائد السياحة، خاصة في فصل الصيف الذي يمثل ذروة الموسم السياحي في المملكة.

كما أن التوترات الإقليمية تؤثر مباشرة على قطاعي التجارة والنقل، إذ تعتمد صناعتنا الوطنية بشكل كبير على استيراد المواد الخام من الشرق، حيث تصلنا أكثر من 60 % من مدخلات الإنتاج عبر مسارات قد تتعرض للاضطراب أو الإغلاق. وهذا يعني أن سلاسل التوريد والإمداد مهددة بالتعطل، مما قد يؤدي إلى تراجع في القدرة التنافسية للصادرات الأردنية.

إن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن مثل هذه الأزمات غالباً ما تكون تراكمية، وتزداد حدتها مع طول أمد الحرب. وحتى بعد توقفها، تستمر تأثيراتها وإن كانت بشكل أقل. لذلك، من الضروري أن يتم تشكيل فريق وطني متخصص، قادر على القراءة العميقة والاستباقية لما يحدث في الإقليم، لوضع سيناريوهات واقعية وخطط بديلة تحد من انعكاسات هذه التوترات على الاقتصاد الوطني.

فالتحوط والتخطيط المسبق لم يعد خياراً، بل ضرورة إستراتيجية في عالم تتسارع فيه الأزمات وتتشابك فيه المصالح السياسية والاقتصادية، كما ونعيد ونذكر بأهمية تنويع مصادر الطاقة مثل الغاز المسال، الطاقة المتجددة، النفط الصخري، وذلك لتقليل الاعتماد الإقليمي وتعزيز الأمن الطاقي.