وجهات نظر

رسالة من طهران: أعداء الداخل أخطر

رسالة من طهران: أعداء الداخل أخطر


‏أهم رسالة وصلتنا مما جرى فجر الجمعة المنصرفة (13/6)، حين انقضّت الطائرات والصواريخ الإسرائيلية على إيران، وحدث ما حدث، كان عنوانها الرئيس «أعداء الداخل أخطر»، التفاصيل معروفة، واستدعاء الحادثة في مثل هذا التوقيت ضروري، لكن الأهم من ذلك هو أن نصارح أنفسنا، ونتحدث بلا مواربة ولا مجاملات؛ بلدنا في عين الخطر، والتغطية على أي صوت أو فعل يحاول النخر في عصبه، أو العبث في أساساته، لا يمكن تصنيفه إلا على قائمة (الإخلال بالشرف الوطني)، سواء أكان ذلك بقصد أو عن جهالة، في المنعطفات التاريخية التي تمر بها الأوطان لا فرق بين الخطأ والخيانة.

‏أفترض، سلفاً، أن بلدنا محصن من أي اختراق، وأن الأردنيين كلهم قلوبهم على بلدهم، وأنه لا يوجد أي ولاءات عابرة يمكن أن تصل إلى درجة الإضرار بالمصالح العليا للدولة، افترض، أيضاً، أن كل ما جرى على ساحتنا الوطنية، منذ الحرب على غزة إلى الآن، من أخطاء ومكائد، ومحاولات للاستقواء على الدولة، والتشكيك بمواقفها، كان مجرد انتقادات أو وجهات نظر، لا تخدش ولا تجرح الانتماء للدولة، أفترض، ثالثاً، أن انحياز بعض التيارات السياسية لأطراف خارجية، أو محاولة بعضها الزج بالأردن إلى الحرب، أو المزاودة على مواقفه، يندرج في باب الخطأ غير المقصود.

‏أفترض كل ذلك لكي لا يتهمني أحد بإصدار الأحكام دون دليل، أو بمحاولة الصيد في المياه العكرة، أو بغير ذلك من الاتهامات التي تطارد كل صوت أردني يدافع عن الأردن، لكن مجرد الرصد ثم التدقيق من قبل أي مراقب منصف لحصاد نحو عامين من الخطابات والزخّ الإعلامي والهجمات المكثفة ضد الأردن، من قبل أطراف مختلفة، ناهيك عن الوقائع الأمنية التي تم كشفها، لا يمكن فهمه إلا في سياق واحد، وهو « الاستهداف» المقصود، هذا يعني أن ثمة أطرافاً، في الداخل والخارج، تتعمد استهداف الأردن، دون غيره، بعضها مكشوف، والآخر ربما غير معروف.

‏أفهم، بالطبع، هذا الاستهداف، خاصة حين يأتي من أطراف خارجية تناصبنا العداء، أو المكر، أو الخصومة السياسية، أو تضمر لنا شراً، ونحن بالتأكيد قادرون على كشفهم ومواجهاتهم والرد عليهم، لكن ما أقصده -هنا - هم أطراف في الداخل، على قلتهم، يلبسون «طاقية» الإخفاء السياسية لجلد البلد، وضرب مواقفه، والاستهتار بدوره، والشماتة به، هؤلاء لا يشكلون، فقط الخاصرة الضعيفة في جبهتنا الداخلية، وإنما يشكلون الثغرة التي يمكن توظيفها واستغلالها، من قبل أعدائنا، للعبث بأمننا واستقرارنا، وفهمكم كفاية.

‏قال الملك مرة :»يأخذون أوامرهم من الخارج «، هؤلاء هم الذين ذكرتني بهم الرسالة التي وصلتنا من طهران مؤخراً، وهؤلاء الذين أكتب للتحذير منهم، لا يحتاج القارئ الكريم أن أستدعي تاريخنا العربي المزدحم بأسماء فعلت ذلك، أو تاريخ غيرنا من الأمم والشعوب التي وقعت في مصيدة الخذلان، يكفي أن أقول : عيون الأردنيين ستبقى مفتوحة على بلدهم، ولن تسمح لأحد أن يطعنه من الخلف.